إن قلت : لم خص آل فرعون بالذكر دون غيرهم؟ قلنا : تسلية للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ؛ لأنهم كانوا كثيرا ما يؤذون موسى عليه الصلاة والسّلام فهم أشد أذية من قريش لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ومن غيرهم.
قوله تعالى : (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ).
فيه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، بقوله تعالى : (بِذُنُوبِهِمْ) وفي ذلك أربعة أقوال : قيل : إنهم مخاطبون بالفروع ، وقيل : لا ، وقيل : مخاطبون بما عد الجبار ، وقيل : الفرق بين المرتد وغيره.
قوله تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ).
هذا مثل ما تقدم عن ابن هشام في أن شرط الجزاء أن يكون أعم من المبتدأ.
قوله تعالى : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ).
أي فرق بهم وأبعدهم عن مقاتلتك من خلفهم ، والمراد : وأبعدهم مسافتك ومخالفتك ، فالإبعاد إما حسي وعليه جملة المفسرين ، أو معنوي فإن كان الأولى دليل على أن قتل الأسارى هو المطلوب ، وإن كان الثاني كان بارز في تخيير في الوجوه الخمسة ، إما الأمر ، وإما القتل ، والمن والاسترقاق ، أو ضرب الجزية.
قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
إشارة إلى تقدم الأدلة الدالة على الإيمان فكأن الإيمان كان حاصلا ، قلت : وقيد بعضهم عن ابن عرفة هنا ما نصه قوله تعالى : (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) ليعذبهم من خلفهم عن مسافتك ومقاتلتك ، قال : فعلى هذا القسم هذه الآية تخصيص لما ورد من التخيير بين القتل والأسر والفداء والمن وغير ذلك ، فما يراد صلاحا وسدادا أو يتعين القتل في حق هؤلاء ؛ لأنه هو البعد عن مقاتلته من سواهم ، وقيل : معناه فأبعدهم عن الكفر وعدم الإيمان بك فلا تخصيص على هذه ، ويكون التخيير بين ما تقدم باقيا ، ويكون أمر الفعل الأصلح ، فإن قلت : أن لا تدخل إلا على غير المحقق ؛ فهلا قيل : فإذا تثقفنّهم ؛ لأنه محقق الوقوع ، ابن عرفة : فعادتهم يجيبون بأن تأكيد الفعل بالنون الشديدة اعتناء عن ذلك وغيره ؛ كالمحقق لأنه المشكوك فيه لا يؤكد وأيضا فترتيب الأمر بالتشديد عليه بغيره محقق الوقوع ، قلت : وأجاب بعض الطلبة إنما هو الغلبة لا النفاق لأنهم في الممكن أن يمتربوا ويؤخذوا.
قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).