ابن عرفة : هذا تسمية احتراس لأنه قد تقدم ، قوله (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) فقد يتوهم أن ضعفهم وعدم قوتهم يوجب عدم الاستعداد لهم.
قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى).
ابن عرفة : ما ذكره ابن عطية وغيره عن أبي بكر وعمر ينبغي حمله على وجهين ؛ أحدهما : أن الخطأ في الجهاد ملزوم للتأثم ، الثاني : ما ذكره ابن الحاجب من أنه قد تعرض له صلّى الله عليه [٣٧ / ١٨٠] وعلى آله وسلم الخطأ في اجتهاده ولكنه لا يقر.
وقال الفخر في المحصول : الأكثرون على منع ذلك في حقه وهو الصحيح ؛ لأن المعصية تمنع منه ، وهذا كله إذا قلنا : إن كل مجتهد مصيب ، قال : واحتجوا بهذه الآية على أن المصيب واحد ؛ فدلت على أن عمر هو المصيب في اجتهاده ، وأجاب الآخرون بأن أبا بكر أقره النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على ما فعله فهو مصيب بإقراره له ، وفرق بعضهم بين الحكم بالفداء وبين أخذ الفداء ؛ فأبو بكر حكم ترجيح وغيره من الصحابة أخذه فوقع العتب على من أخذ الفداء ؛ لأنه عرض دنيوي فأخذوه لمجرد ذلك فقط ، وأبو بكر إنما حكم بالفداء لمصلحة الآخرة ؛ وهو رجاء إسلامهم.
قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ).
أبلغ من قول القائل : لا يفعل النبي كذا ولا يفعل كذا ؛ لاقتضائه نفي القابلية للفعل.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
راجع للأمر الباطن وهو اختيار الفداء لأنه جائز في نفس الأمر ، لقوله (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً) راجع للأمر الظاهر وهو التوبيخ على أخذ الفداء ، ثم بعد ذلك نسخ بالجواز.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا).
وأخروا (وَجاهَدُوا مَعَكُمْ) وقال تعالى قبلها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) فذكر بأموالهم وأنفسهم الأولى دون الثانية.
ابن عرفة : فقدم الجواب بوجهين ؛ الأول : أنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه إذ الآية الأولى في الميراث ، قلت : فيها حذف المال لتناول جهاد الغني والفقير.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).