منه ، نحو : رغبت زيدا ، إذ لا يدري هل ؛ المراد رغبت عن زيد أو رغبت في زيد ، وهنا على أن الذين كفروا فاعل فهم مضلون ، وعلى أنه مفعول فهم مضلون غيرهم ، وذلك مناقض ، وإجابة الخولاني بأن المقصود منهم بأنهم في أنفسهم ضالون سواء كانوا مضلين غيرهم إن كان الضلال واقعا بهم.
قال ابن عرفة : معلوم الفرق بين من وقع به الضلال وبين من وقع منه ، كما أنه معلوم الفرق بين الجاني والمجني عليه أيضا ؛ نقلته من خط شيخنا التلاوي رحمهالله.
قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ).
قوله تعالى : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ).
قال ابن عطية : إنما قال : (بِأَفْواهِهِمْ ؛) لأن القول يكون في النفس ، وفي الأفواه ؛ فاختراعهم قالوه بالأفواه ، أو يكون تأكيدا ، وقال الزمخشري : إشارة إلى سخافة مقالتهم ، وأنه قول لا يعضده برهان كما هو الأحفظ لا معنى له ، ووجه بأن المراد بالقول المذهب ، كقولهم قول أبي حنيفة ؛ أي مذهبه كان قبل ذلك مذهبهم ودينهم بأفواههم لا بقلوبهم ، قلت لشيخنا : أو تقول أن الفم من أشرف الأعضاء بمن لا ينبغي أن يستعمل إلا فيما يليق ، ولهذا يقال : إن البلاء موكل بالمنطق فذكر الفم على معنى التبكيت عليهم والتوبيخ لهم وذلك مبتدأ وقولهم خبر ، قلت : كيف صح جعل الأعرف خبرا؟ فأجاب أن القاعدة بأن الخبر يكون أعم من المبتدأ أو القول أعم من اسم الإشارة ، قلت له : ويعضدك أيضا الخبر فإن المبتدأ ينحصر في الخبر ، فالمقصود حصر المشار إليه في مقالتهم ، قال : فإن قلت : كيف أفرد اسم الإشارة اثنان؟ فأجاب بأنه أفرده على معنى المذكور ، أو على تنزيله منزلة المضمر وتقدم الزمخشري بنحوه ، في قوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [سورة البقرة : ٦٨].
قوله تعالى : (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ).
قلت : آخر الآية كالمناقض لأولها ، فإنه أفرد أول الآية عنهم ، أنهم قالوا : المسيح ابن الله ، والابن تابع للأب ، وذلك يقتضي نفي كونهم سووا بينه وبين الله في العبادة فرضا على أن يكونوا عدوه من دونه ، وآخرها يقتضي عبادتهم إياه من دونه ، وأجاب بوجهين ؛ الأول : أن ما المراد بقوله : (مِنْ دُونِ) مخصصة بالعبادة لا المساواة وإنما المراد أنهم مشابهون لمن عبد المسيح من دون الله ؛ لأن من حق المعبود أن يشرك معه غيره.