الإضراب على مذهبنا ، قال : فالجواب أنه كان يمشي أما تصويره وخلقه كانت التزكية بفعل الله وإرادته وكل ما كان العمل الصالح ملزما للتزكية وكان بخلق الله وإرادته لزم أن تكون ملزومة ، وهي التزكية بخلق الله وإرادته فالمضروب دعواهم التزكية ، والمضروب به فعل ما يدل على التزكية ففرق بين التزكية بالدعوى الكاذبة ، وبين التزكية بالأعمال الصالحة ، فقيل لهم : إنما تحصل التزكية بالأعمال الصالحة التي هي بخلق الله تعالى لا بقولكم ودعواكم فالله يهدي من يشاء فيوفقه للعمل الصالح وعلى هذا يأتي قوله تعالى : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) لا ينقصون من ثواب عملهم شيئا ولا يزاد عليهم في إثم مخالفتهم بشيء ، ومنهم من قال : المراد بالفتيل : الجوهر الفرد ليسلم من المفهوم أو ليس ثم ما هو أقل منه ، ابن عرفة : ويجوز للإنسان أن يطلب من غيره ليعدله ، وليس هو من تزكية نفسه.
قوله تعالى : (كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) ابن عرفة : إن كان المعمول الجملة فالنظر [٢٤ / ١٢٠] معنوي بمعنى العلم ؛ لأن الافتراء قول لا يتعلق به النظر ، وإن كان المراد : انظر إليهم كيف يفترون ، فالنظر حسي بصري ، ابن عرفة : معناه ينسبون إليه الكذب أو يقولون الكذب فهو مضمن معنى فعل آخر.
قوله تعالى : (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) قال ابن عرفة : الظاهر أن الجبت الأصنام والطاغوت عبادتها.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).
المراد به الدوام ؛ لأن الوسط مضارع وهو متكرر في المقدمتين فتقريرهم ملعونون ، وكل ملعون لله لم تجد له نصيرا فهم لن تجد لهم نصيرا ، والمراد يظنون أن لهم نصيرا ، ولم يقل : ناصرا ؛ لأن هذا موضع لا ينفع فيه إلا النصير.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ).
(أَمْ) منقطعة ، والهمزة قال الزمخشري : لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ، فأنكر ثم قال : فإذا لا يؤتون أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون مقدار نظير لفظ محلهم ، ويجوز أن تكون الهمزة لإنكار أنهم قد أوتوا نصيبا من الملك ، وكانوا أصحاب أموال وسيأتي وأنتم لا تؤتون أحدهم فما تملكون شيئا.
قال ابن عرفة : يظهر الفرق بين الوجهين على صعوبته ، أنه في الأول تسلط الإنكار على الجملتين الأولى والثانية فأنكر عليهم أن لهم نصيب من الملك فأنكر عليهم محلهم.