استشكل الزمخشري من ناحية أن لكن شرط الاستدراك لها معادة ما بعدها لما قبلها وهو هنا موافق ، وأجاب بأن المعنى ما خرجوا ولكن تثبطوا الكراهة انبعاثهم ، ورده أبو حيان بأن التمكن أوقعت فيه بين متفقين في المعنى ، وأجاب المختص بأن ما أحسن إلى أعم من كونه أشار إلى الأعم لا إشعار له بالأخص المعني ، وقول ابن عرفة : صحة الاستدراك في الآية بأنه استدراك نقيض الثاني ، قال : والمعنى ما أرادوا الخروج اختبارا ولكن ما أرادوه اضطرارا ؛ مثل ما قال زيد اختبارا بل ما قام اضطرارا ، فقد وقعت لكن بين مختلفين.
وأخذ السبكي في التذكرة من هذه الآية أن الأمر لا يستلزم الإرادة.
ابن عرفة : ويجاب بوجهين :
الأول : أن المكروه إنما هو انبعاثهم اللاحق لهم وهو الانبعاث الذي لا تصحبه بقلب مخلص بل يخرجون بأجسادهم دون قلوبهم ، والمراد الخروج بنية ....... (١).
الثاني : أن الكراهة إن كانت صفة معنى فالأخذ صحيح ، وإن كانت صفة فعل فلا يتم له ذلك ؛ لأن المراد أن الله تعالى أمرهم بالخروج وأراد ذلك ومنعهم منه هكذا بقول المعتزلة.
قوله تعالى : (قِيلَ).
هذا (وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) فقال ابن عرفة : هذا كلام ابن عطية ، ثم قال : محصول كلامه هنا ثلاث حقائق مختلفة :
والارتياب : هو إتيان الحكم المتردد فيه.
والشك : هو الوقف من غير حكم.
والتردد هو الحكم أولا والانتقال عنه للآخر ثم الرجوع إلى الأول.
وقال الفخر في المحصول : حكم الذهن بأمر على أمر إما مع الجزم أو بدونه ، والجزم إما مطابق أو لا ، والمطابق إما لموجب أو لا ، والموجب إما حسي أو عقلي أو هما ، والجزم المطابق الذي يوحيه هو العلوم الحسية والذي يوحيه عقلي إن كفي به جزاء القضية ، ولم يحتج إلى وسط هو البديهي وإلا فهو النظر ، والجزم المطابق الذي
__________________
(١) كلمة غير واضحة في المخطوطة.