وعلى آله وسلم في جميع إخباراته ، ولا يحتاج إلى هذا الأخذ من يرتاب فيما يخبر به ؛ فيحتاج إلى تقديم إذ هي الأهم المقصود.
قوله تعالى : (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ).
الزمخشري : إما بدل من سيحلفون أو حال ، أبو حيان : يمتنع البدل ؛ لأن لا هلاك غير الحلف ، قلت : قال صاحبنا أبو العباس أحمد بن القصار : وهو بدل اشتمال ؛ لأن حلفهم للمؤمنين سبب في إهلاكهم ، فالحلف يشتمل على الإهلاك بناء على الأول مشتمل على الثاني ، والله أعلم.
قوله تعالى : [٣٨ / ١٨٥] (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ)
ابن عرفة : عبر في الأول بالفعل وهو صدقوا ، وفي الكاذبين بالاسم إشارة التحقيق والتنقيل وإن أدنى وصف في الصدق في ذلك كاف ؛ فجعل الحق متوقفا على يتبين أعم الصدق ، لأن صدقوا أعم من الصادقين ، وجهل المبطل متوقفا على أخص الكذب ، ولذلك في الأول التبيين ، وفي الثاني العلم ، والأول أعم للمعنى الذي قررناه ، وأيضا فالآية وردت بالذات إنكار على المنافقين وذما لفعلهم ، فناسب الإخبار عن صفتهم الذميمة مما يقتضي الثبوت ، قلت : وتقدم لنا عند ابن عرفة في الختمة الأخرى في هذه أن ابن مالك قال : من الفصاحة أن يؤتى بجملتين مع جملتين متناسبتين ، كقولك (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [سورة طه : ١١٨ : ١١٩] وقد علق التبيين بالصدق والعلم بالكذب فما السر في ذلك؟ قال : وجوابه أن التبيين إنما يكون فيما يظهر للوجود ، والعلم يتعلق بالوجود والمعدوم ، والصدق أمر وجودي ، والكذب أمر عدمي ؛ لأنه عبارة عن عدم مطابقة الخبر للمخبر عنه ، فكذلك القدر المتعلق بالموجود والمعدوم.
قوله تعالى : (أَنْ يُجاهِدُوا).
يحتمل أمرين متناقضين : إما أن يراد لا يستأذنونك في القعود وكراهة أن يجاهدوا ، أو لا يستأذنونك في أن يجاهدوا.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً).
ابن عرفة : فيها دليل لمالك القائل لاعتبار العادات ومراعاتها إذ بها تقرر الملازمة بين إرادة الخروج والإعداد ، ففيها دليل على أن اعتبار العادة الفعلية وفيها قولان : لأن العادة جارية لمن يريد الخروج نهي أسبابه.
قوله تعالى : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ).