أي كافيتهم ؛ لأن فيها من العذاب الشديد ما فيه كفاية ، وينالهم مع ذلك ما هو أشد وهو العذاب المقيم القائم.
قوله تعالى : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
إلى قوله (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) الزمخشري : إن قلنا : هلا قال : بخضتم فخاضوا ، كما قال (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ)؟ وأجاب بوجهين قرره ابن عرفة بكلام الشيخ عز الدين ؛ وهو أن الشارع إنما رتب الزواجر على ما تميل إليه النفس من المعاصي ، وأما ما تنفر النفس عنه فلا يحتاج فيه إلى زاجر فإنه رتب الحد على شرب الخمر ولم يرتبه على شرب البول مع أن كلاهما نجس محرم ، ولا شك أن التمتع بالملابس والمطاعم والمشارب أغلب وأكثر من الخوض في الكلام ، فلذلك أطنب فيه قصد للتيقن منه ما لم يطنب في الآخر.
ابن عرفة : وأجاب بعضهم بأنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه.
قال : وتقدمنا جواب ثالث ، وهو أن التمتع له أثر فيما وقع به الذم لأن التمتع بالإنفاق مع كثرة المال وكثرة الولد أشد وأقوى منه قلتهما ؛ فكذلك فيه توجه الذم هنا أنهم جعلوا حالهم في كثرة الإنفاق مع قلة المال وقلة الولد كحال أولئك في إنفاقهم مع كثرة ولدهم ؛ بخلاف الخوض فإنه لا أثر له في الوصف المذكور في الآية يستوي فيه قليل المال والولد مع كثير المال والولد.
قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ).
ابن عرفة : أخذوا عنه أحد ثلاثة أمور :
إما أن خبر التواتر بعيد العلم أو الظن ، أو أن خبر الواحد يجب العمل به لأن هذا الخبر إن كان مستفادا بالتواتر أفاد العلم ؛ لأن هؤلاء على عدم العمل به ، فلو لا أنه يفيد العلم أو الظن بما أوحوا على عدم العمل به ، وإن قلتم : إنه خبر واحد فينتج وجوب العمل به أي فعلتم به كفعل هؤلاء بك وقد ..... (١) العذاب فلا تأمنوا من نزول العذاب بكم ، قال : وفي الآية تمسك لصحة العمل بالقياس كما أخبره الخبر ، من قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) [سورة الحشر : ٢].
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.