تنبيه على استغناء النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين عنهم ..... (١) وعدم احتياجهم إليهم حتى كأنهم يخلفونهم بأنفسهم.
قوله تعالى : (وَكَرِهُوا).
إن جاء هذا ليس بتكرار لأن الفرح بالشيء لا يستلزم كراهة ضده ؛ بل قد يكرهه وقد لا يكرهه ، هذا إن قلنا : إن نقيض المستحيل ليس بمكروه.
قوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللهِ).
إشارة إلى أنهم كفروا بالله ورسوله ، فالكفر بالرسول في قوله [٣٨ / ١٨٨] (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) ، والكفر بالله في قوله (رَسُولِ اللهِ) ولم يقل : مع رسوله فهم كرهوا الجهاد للإيمان بالرسول وبالإيمان بالله.
قوله تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ).
ابن عرفة : رجوعه من غزوة تبوك تحقيق الوقوع ، فهلا عبر عنه بإذا ، وأجيب بوجهين : أحدهما : أن الشرط مركب من جملتين ؛ أحدهما : قوله (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) استئذانهم له غير محقق.
الثاني : أن المحقق إنما هو الرجوع إلى بلده ، وأما رجوعه إلى طائفة منهم فمعنى محقق ؛ لأن المرجوع إليهم هم المنافقون الذين يخلقون لغير عذر إشارة إلى أن الرجوع إليهم يوهم أن الحاجة إليهم داعية ، وأنه مضطر إلى الاستعانة بهم ؛ فعبر بإن إشارة إلى أن لم يرجع إليهم وإنه إنما رجع إلى بلده فالرجوع إليهم غير واقع.
قوله تعالى : (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ).
ولم يقل : فاستأذنوك في الخروج ؛ لأن الكلام يحتمل [.....] بها أن يكون مرغوبا فيه ، أو مرغوبا عنه ، فيحتمل أن يكون مرغوبا فيه أو مرغوبا عنه ، فيحتمل أن يكون قصدهم الإقامة.
ابن عرفة : وعادتهم يقولون لأي شيء أتى بالفعلين الأولين بصيغة الخبر وهما لم يخرجوا ولم يقاتلوا ، وأتى في الثالث بصيغة الأمر ، فهلا قيل : لن يخرجوا وإن يقاتلوا معي عدوا فقعدوا مع الخالفين ، أو يقال : لا تخرجوا معي أبدا ، ولا تقاتلوا معي عدوا فقعدوا مع الخالفين.
__________________
(١) طمس في المخطوطة.