قوله تعالى : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ).
ابن عرفة : يؤخذ منها صحة العمل بالقياس أنه حكم شرعي ، ويؤخذ منه إبطال القياس بوجود الفارق.
أما الأول : فلأن الآية الثانية ذكرت جوابا عن سؤال مقدر ؛ وهو أن المؤمنين يقولون : نستغفر لآبائنا قياسا على استغفار إبراهيم لأبيه ؛ فرد عليهم ذلك بذكر الفارق ، فلو لا أن القياس معمول به ما صح ذكره ، وإبداء الفارق ، قال : وعداه بعن دون اللام المقتضية للعلة ؛ لأن العلة في الاستغفار ليست هي الموعدة ؛ بل هي دخول الموعدة والجنة ، والموعدة سبب لا علة ، فكذلك عداه بعن المقتضية للتجاوز عن الموعدة والتخلص منه.
قوله تعالى : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ).
ابن عرفة : المجرور متعلق بمحذوف ؛ أي ما صح لأهل المدينة ، والتخلف إن لم يصدق إلا على القادر فليست مخصوصة ، وإن صدق على القادر وغيره فهي مخصوصة بقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) [سورة النور : ٦١] [سورة الفتح : ١٧] الآية.
قوله تعالى : (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ).
تأسيس لأن الأولى اقتضت حضورهم أعم من أن يقاتلوا أولا ، وهذه اقتضت المقاتلة.
قوله تعالى : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ).
هذه عكس ما يقول الأصوليون من أن الكلام على ترك الفعل يستلزم وجوبه ، والمدح عليه لا يقتضي وجوبه ، فلو قيل ههنا : ولا ينالون من عدو نيلا ، إلا كتب لهم النجاة من النار ، والتخلص من العذاب لاقتضى وجوب هذه الأمور ، وأجيب بالفرق بين كون الثناء والمدح يقتضي الوجوب ، وبين كونه لا ينافي الوجوب.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
دليل على أن فاعل هذا أبلغ درجة المحسنين.
قوله تعالى : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) [سورة الأحقاف : ١٦] قال ابن عرفة : عادتهم يستشكلونها لاقتضائها أن الجزاء على الأحسن لا على