ابن عرفة : عدا الأول بإلى ، والثاني باللام ؛ لأن إلى للغاية تقتضي أنها ما قبلها عندها ومخالفته لما بعد ، واللام للملك فالله تعالى يملك الحق ويمنحه ويعطفه ويخلقه في قلوبهم ، فهدى له كله ، والشركاء لا يملكون شيئا ، فعلى تقدير أن تكون لهم الهداية إنما يعدون الطريقة ولمبادئه ومقدماته فقط ، قيل لابن عرفة : يبطل هذا بقوله (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) فقال : هذا تنبيه بالأدنى على الأعلى ؛ لأن الشركاء لا يهدون لحقّ بوجه ، فمعناه إذا كان الذي يهدي لمقدمات الحق وأوائله أحق بالاتباع ممن لا يستطيع شيئا بوجه ، فأحرى أن لا يكون الذي منح الحق كله ، ويعطفه ويخلقه في قلوبكم أحق بالاتباع.
قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).
مصدر مولد للفعل المنفي فهو نفي أخص ولا نفي أخص.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ).
ولم يقل : بما يعملون ؛ والعمل أبلغ ألا ترى أنهم قالوا في حديث الأعمال بالنيات يستثنى منه النية ، وهي القصد إلى النظر ، والنظر قبلوا النية عملا.
وأجيب بأنه إشارة إلى تعنتهم وأن حقهم إظهار الحق وفعله.
قوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ).
ابن عطية : هي دليل لمن يقول بالصرفة.
ابن عرفة : ومعنى الصرفة أن تقول دليل كرامتي أني أقوم من هناك إلى هنا وتعجزون أنتم عن ذلك ، فحاصله أن تعجزهم عن شيء هو من مقدورهم.
وعين الصرفة مثل أن يقول : دليل كرامتي استطاعتي ؛ أثبتها المعتزلة ، ونفاها أهل السنة.
قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ).
الزمخشري : أي بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن وفاجؤوه في بديهة السماع قبل أن يفقهوه.
قوله تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ).
معناه أنه غير قابل لأن يكون مفترى ، وإن يفترى مقدر بالمصدر ؛ أي كان ذا افتراء ، وما كان افتراء بمعنى مفترى ، مثل : قتلته صبرا أي مصبورا ، مثل : قال ابن عرفة : وتقدمنا فيها سؤال وهو أن ظاهر الآية أنه لم يكن مفترى على غير الله تعالى ،