(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قيل : أي منقادون ، وقيل : أي مخلصون.
ابن عرفة : وهو أصوب لأنهم كانوا منقادين غير أن عبادتهم لله شركوا فيها غيره معه ، فطلب منهم إخلاصه لله عزوجل.
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها).
ابن عطية : عن قتادة ، والضحاك هي خاصة بالكفار ، وعن مجاهد هي عامة فيهم ، وفي أهل الرياء من المسلمين ، قال : فعلى الأول معناه يتعمدها ويقصدها ولا يقصد به ، وعلى الثاني معناه يجمعها ويفصلها ويؤثرها على الآخرة.
قوله تعالى : (لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ).
هو في الأول على ظاهره ، وفي الثاني عام باق على عمومه ويكون ليس لهم في الآخرة إلا النار مجاز فيتعارض فيه المجاز والتخصيص ، وكان بعضهم يقول : معنى قوله (لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) أي ليس لأعمالهم جزاء بوجه ؛ لأنها أعمال خالطها الرياء فليس لها ثواب بوجه ، كقولك : ليس لفلان عندي إلا السيف ، وأنه لا تعاقبه ، وإنما تقصد عندك أنك لا تعظم شيء بوجه.
قوله تعالى : (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
قال ابن عرفة : هذا تأسيس وليس بتأكيد ، فقوله (وَحَبِطَ) إشارة إلى ما هو صحيح باعتبار أصله ، وعرض له ما أوجب فساده.
وقوله (وَباطِلٌ) إشارة إلى ما هو فاسد من أصله ، فكذلك أتى بلفظ الاسم ، والأول بالفعل هذا كعمل الكافر وعمل المسلم المرائي ؛ فمن قوله (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) والشرعي هو ما دل عليه كتاب موسى.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).
إن قلت : ما أفاد قوله (مِنَ الْأَحْزابِ؟) فالجواب أن فيه تنكيتا على صناديد الكفار كأبي جهل ونحوه ، واختار ابن عرفة في (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أنها عامة في جميع المؤمنين من الأمم كلهم ، فقيل : فكيف يفعل في قوم نوح مع قوله (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) فقال : يتلوه شاهد منه هو النبي عليهالسلام ، ومن قبله عائد على الشاهد لا على من كان على بينة.
قوله تعالى : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ).