ابن عرفة : يؤخذ منها بأن الشك ليس هو أول الواجبات بل أولها النظر ؛ لأنه في الآية منهي عنه ، فلو كان واجبا لما صح النهي عنه يقول : الواجب غير منهي عنه فليس بواجب ، وأجيب بأن ذلك في الشك المطلق ، وهو في الآية مقيد بشيء خاص.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى).
مع قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) [سورة البقرة : ١١٤] متناقض والجمع بينهما بوجهين : إما بتساويهما ، وإما بأن أحدهما عام مخصوص.
قوله تعالى : (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ).
ولما نقل على الله مع أنه المناسب في الآية ، فالجواب أن عصيان المحسن إليك أشد وأشنع من عصيان العادل فيك ، فالغرض على من أسأت إليه ، وهو يحسن إليك أشد بأسا من العرض على من أسأت إليه وهو يعدل فيك.
قوله تعالى : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً).
فسر ابن عرفة بوجهين : إما ويبغون العوج فيها ، أو ويبغون العوج لغيرهم ؛ وهو إبعاده عنها ، وقال ابن عطية [٤٠ / ١٩٦] (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) أي يطلبون الوصول إليها بطريق وهو قولهم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [سورة الزمر : ٣].
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ).
أي خسروا نجاة أنفسهم وهذا مثل ما قالوا في قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [سورة المؤمنون : ١٢] إلى قوله (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) [سورة المؤمنون : ١٤] فيه الإنباء بما يأتي ، أو التهكم بما يأتي ؛ لأنه يأتي بلفظ يستدل به على ما يأتي بعده ؛ فلذلك قال عبد الله بن سعد بن أبي سرح (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [سورة المؤمنون : ١٤] قيل له : كذا تركت فارتد عن الإسلام ثم أسلم وحسن وحسن إسلامه.
قوله تعالى : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
تأسيس والمراد أن الإنسان في الدنيا إذا نالته مشقة فإنه تأتيه أصحابه وأقاربه فيسألونه ويصبرونه ويأخذون بقلبه ، وهؤلاء في الآخرة يذهب عنهم جميع من كانوا يعتقدون أنه ينفعهم.
قوله تعالى : (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ).