أي تغايرهما مطلقا بإخراجهما من الجنس رأسا بحيث لا مناسبة بينهما ؛ فيقدم الفاضل على المفضول.
فإن قلت : ما نحن بصدده ليس من قبيل (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [سورة البقرة : ٩٨] ؛ لأنه من عطف الخاص على العام لأنهما داخلان في الملائكة بخلافه هنا.
قلت : يكفى في الشبه إخراجهما من جنس الكواكب وجعلهما مغايرين لها بالعطف.
فإن قلت : لم لم يقل : إني رأيت الكواكب والشمس والقمر ليوازي تلك الآيات؟ قلت : القصد الأول في تلك الآية ذكر جبريل وميكائيل ، كما دل عليه بسبب النزول ، وذكر الملائكة ، وللتوقية والتمهيد بخلافه هنا ؛ فسلك به مسلكا علم منه المقصود وأدمج التفضيل والاختصاص ، وفيه أمثال ؛ قال : إن الآخرة مع تلك البينة ما سلب عليهم نور الولاية والنبوة.
والزمخشري : ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قال صاحب التقريب : وفيه نظر لاتفاقهم على أن عمرا في : ضربت زيدا وعمرا ليس مفعولا معه.
ويجاب أن المعنى ليس أنه مفعول معه ؛ فإن سؤاله لم أخر الشمس والقمر؟ ومعناه كيف أخرهما وموضعهما التقديم؟ وأجاب بجوابين :
أحدهما : فيه التزام التأخير لإفادة المبالغة في التغاير.
وثانيهما : أن الواو لا توجب الترتيب لأن مقتضاها الجمعية ؛ لأنها بمعنى مع ؛ كأنه قيل : رأيت الشمس والقمر والكواكب دفعة واحدة.
يؤيده قوله في تفسير قوله تعالى (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ) [سورة المائدة : ٣٦] وإنما وجد الراجع في به ؛ لأن الواو بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه.
وقوله بعد ذلك (يَخْلُ لَكُمْ).
إما مجرور بإضمار أن والواو بمعنى مع ؛ كقوله تعالى (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) [سورة آل عمران : ٧١].