قال شارح المبادئ : نزل على الجمع المطلق ، ودلالتها على الجمع أقوى من دلالتها على العطف ؛ فإنها قد تعدى من معنى العطف ولا تعدى من معنى الجمع.
فإن واو القسم وواو الحال بمعنى مع لا تقيد العطف وتفيد الجمع لأنها في القسم نائبة عن التاء والباء للإلصاق ، والحال مصاحبة لذي الحال ، والواو في المختلفين بمنزلة التثنية ، والجمع في المتفقين ، وتلخيص الجواب يرجع إلى ما قال في سورة النمل.
فإن قلت : ما الفرق بين هذا ؛ أي بين تلك آيات القرآن وكتاب مبين ، وبين قوله : تلك آيات الكتاب وقرآن مبين؟ قلت : لا فرق بينهما إلا ما بين المعطوف والمعطوف عليه من التقديم والتأخير ؛ وذلك على ضربين : ضرب جار مجرى التثنية لا يترجح جانب عن جانب ، وضرب فيه يترجح.
والأول نحو قوله تعالى (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [سورة الأعراف : ١٦١].
والثاني نحو قوله تعالى (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ) [سورة آل عمران : ١٨].
ونقل عن تلميذ ابن الحاجب ، أنه قال : ظاهر كلام الزمخشري لا يشترط في المفعول معه مصاحبة الفاعل ، والحد المذكور في الكافية لا يمنع من مصاحبة المفعول.
ونقل المالكي عن سيبويه ، أنه قال : بعد تمثيله بما صنعت وآباك ، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها ؛ فالفصيل مفعول معه ، والأب كذلك.
وقال المالكي أيضا : ويترجح العطف إن كان بلا تكلف ولا مانع ولا موهن ؛ فإن خفت به فوات ما يضر فواته رجح النصب على المعية ، كذلك هنا رجحنا المعية على العطف ؛ لتوخي حصول الأفضلية ؛ ليرجع معنى الآية إلى معنى قوله تعالى (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) [سورة النساء : ٦٩].
(ساجِدِينَ).
الزجاج : إذا جعل الله غير المميز كالمميز ؛ كذلك تكون أفعالنا وأنباؤنا.
وأما ساجدين فحقيقته فعل كل من يعقل ؛ فإذا وصف به غيرهم فقد دخل في المميزين وجاز الإخبار عنه كالإخبار عنهم.