الإنسان لا يركن إلى الواقع بل يدعو ما استطاع ، السؤال الثاني أن الإيمان أخص من الإسلام (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [سورة الحجرات : ١٤] ، ولحديث ابن عمر" الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أنه ، وتقم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت ، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وتؤمن بالقدر خيره وشره فمن حصل الإيمان حصل الإسلام" بخلاف العكس ألا ترى أن القدرية ليسوا بمؤمنين مع أن بعضهم يظهر له من التقشف والعبادة ما لم يظهر على بعض المؤمنين ، فقال ابن عرفة : أما الآية فإنما ذلك فيها باعتبار الظاهر فالأعراب ظهر منهم الاقتفاء بالنبي وذلك هم الإسلام ، وكذبوا في قولهم آمنا وانظر حديث أبي موسى وبلال في الأعرابي القائل للنبي صلىاللهعليهوسلم" ألا تنجز لي ما وعدتني به فقال له : أبشر فقال له : أكثرت علي من أبشر ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لأبي موسى وبلال : إن هذا قد رد البشرى فاقبلا فقالا : نعم ثم توضأ النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتفل في لحيته ووضوئه وقال لهما أفرغا منه على وجوهكما وأيديكما وبشرهما ، بالجنة" أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، وكذلك الأعرابي الذي جذب النبي صلىاللهعليهوسلم برواية بشدة حتى أثر في عنقه وطلب منه أن يعطيه ابن عرفة : وأما الحديث فالإسلام أخص ولا سيما على مذهب أهل السنة القائلين بأن المعاصي في المشيئة وأنه مؤمن مع وجود أنه تارك للصلاة والزكاة فليس بمسلم ، والمعنى أنهم يقولون أنه كافر فترى الإسلام عنده أخص لا يصدق إلا على الطائع فما طلب يوسف إلا الأخص.
قوله تعالى : (ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ).
قال الزمخشري : هذا تهكم بهم ، ابن عرفة أراد أنه ما يقال ما كنت تدري قيام زيد ، وما كنت تعرف الفقه إلا لمن يظن به علم ذلك والنبي صلىاللهعليهوسلم لا طريق له إلى معرفة ذلك إلا من الوحي فإتيانه بالقصة على الوجه الأكمل الصحيح من أدل دليل على صدقه فالمخالف فيه مخالف للضرورة.
قوله تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).
هذا تمهيد عذر للنبي صلىاللهعليهوسلم لأنه قد يتوهم أن عدم إيمانهم سبب تقصير النبي صلىاللهعليهوسلم في التبليغ لهم لأن الملك إذا أمر حاجبه أن يبلغ أمرا إلى الرعية فيسر لهم أسباب القبول فلم يمتثلوا لقربهم منه في التقصير.
قوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ).