قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ).
ابن عرفة : ذكروا في أن وجهين هل هي ناصبة أم مفسرة ، وقال بعض الطلبة أكثر النحويين يمنعون وصل أن بالجملة الغير الخبرية ، وذكر ابن العطا في شرح الجزولية : جواز ذلك وأنشد عليه بتاء قال : فالظاهر أنها هنا تفسيرية.
قوله تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ).
ابن عرفة : التذكير بذلك سبب في إخراجهم من الظلمات إلى النور فلم أخره عنه ، وأجاب : بأن التذكير هو الموعظة ، قال والدعاء على الإسلام متقدم عليها والموعظة إنما تكون بعد ذلك لأنه يريهم المعجزات ابتداء فإذا آمنوا وعظهم ليدوموا على إيمانهم ابن عرفة : وهنا سؤال وهو هلا قال أخرج قومك من الظلمات إلى النور بإذن الله كما قال أولا (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) وعادتهم يجيبون : بأن الأول خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وشريعته من أسهل الشرائع فناسب فيها ذكر الأذن ليفيد معنى السهولة واللين المأذون فيهما وهذه الآية الثانية خطاب لموسى وقد كانت شريعته صعبة ألا ترى إلى قوله (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [سورة البقرة : ٥٤] قلت له : أو يجاب بأن اخرج فعل أمر فهو بنفسه دليل على الآن فلم يحتج إلى ذكره معه بخلاف قوله ليخرج الناس فإنه جملة خبرية لا تدل على الأذن فلذلك قيدت به.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ).
المراد بهما الآيات النافعة بدليل قوله : (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) مع أنه آية للصابر الشاكر لكن إنما هو آية نافعة للصبار والشكور لا لمن اتصف بمطلق صبر ومطلق شكر ، ابن عرفة : وليس المراد من جميع الوصفين بل من أتصف بأحدهما وإنما لم يعطفهما بالواو إشارة إلى التهييج والإلهاب على الإنصاف بهما معا.
قوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
قال : لم أفرد النعمة؟ فأجيب بوجهين : الأول : قلت إما لأنه فسرها بشيء واحد وهو الإنجاء من آل فرعون فهي نعمة واحدة ، الثاني قال ابن عرفة : عادتهم يجيبون بأنه إنما أفردا لأن الإنسان لا يستطيع الشكر على كل النعم بل على البعض فقط فأفردها تحقيقا على المكلف في الشكر على النعم وإن كثرت إذ لا يقدر على القيام بواجب الشكر على جميعها وإن أفرغ وسمعه ، قال والعامل في إذ نعمة لأنه مصدر مجرد بالياء