ولا يصح أن يعمل فيها إذا ذكروا لأنه مستقبل وإن ظرف زماني لما مضى وقت الذكر ليس هو وقت الإنجاء.
قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ).
ابن عرفة : إن قلت عطف (يُذَبِّحُونَ) على (يَسُومُونَكُمْ) مشكل لأن العطف يقتضي المغايرة فإن كان السوم هو الذبح لزم عطف الشيء على نفسه والعطف يقتضي المغايرة كما سبق وإن كان غيره لزم تفسير التي بغيره ، والجواب : أنه غيره لكنه أعم منه فالسوم هو أوائل العذاب ومقدماته والذبح أخص منه ، فإن قلت : هلا قال (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) كما قال (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) فالجواب : أن البنات في حال صغرهن لا مؤنة لهن ولا مشقة وإنما يلحق أباءهم المؤنة والمشقة إذا كبرن وصرن نساء ، فإن قلت : لم عطف الفعل هنا ولم يعطفه في البقرة؟ قال عادتهم يجيبون : بأن الميتة في آية البقرة وقعت من الله تعالى لأنه قال (إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) [سورة الببرة : ٤٩] فاشتد الفعل إلى نسبة والملك كل الأشياء عنده حقيرة فلهذا أتى بالجملة الثانية غير معطوفة لتكون مفسرة للأول كأنها شيء واحد لأنه لا يستعظم الأشياء الأخرة لا قدرة له فالمائة دينار لا قدر لها عند الغني وهي عند الفقير مال معتبر والآية في هذه السورة والمنكر فيها من موسى عليهالسلام لأن أدلها وارتحال موسى لقومه أذكروا فهذه صدرت من موسى لقومه فناسب فيها المبالغة في العطف بالواو والتي تقتضي المغايرة والبيان لكثير أسباب المن ، وأجاب صاحب درة التنزيل بأن آية إبراهيم وقعت في خبر عطف خبر آخر قبله وهو قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) وإذ قال موسى فتضمن الأول إخبار عن إرسال موسى بالآيات ، والثاني : تنبيهه لقوله على نعم الله فتقوى معنى العطف في (يُذَبِّحُونَ) لأنه وما عطف عليه وأخلى جملة معطوفة علي غيرها فالمقام مقام الفضل بخلاف آية البقرة فإنه أخبر بخبر واحد وهو إخباره عن نفسه بإنجائه بني إسرائيل فلذلك عطف ، قلت : يريد والجمل المتقدمة في سورة البقرة إنما هي طلبه وهي قوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْماً) [سورة البقرة : ١٢٢] والمشاكلة تقتضي أن الإخبار يجري مجرى واحد في الوصل والعقل بخلاف أخبرو الطلب فإنه لا يعامل أحدهما معاملة الآخر ألا ترى المشهور عند النحويين أنه لا يجوز عطف الجملة الخبرية على الطلبية ولا العكس حسبما نبه عليه أبو الربيع في شرح الإيضاح هذا الذي تلخص لي من كلام درة التنزيل على طوله.
قوله تعالى : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ).