فلم يقل : بناتكم وهو كان يكون أولا كقوله : (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) ولم يقل : رجالكم قال وعادتهم يجيبون بأن ذلك إشارة إلى الوصف الذي لأجله أحيوا البنات وهو بقاؤهن حتى يكبرن فيحتقروهن ويذلوهن [.......].
قوله تعالى : (تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ).
ونظيره توعدوا وعد وتفضل وأفضل ولا بد في تعمل من زيادة معنى ليس في الفعل كأنه قيل زاد تأذن ربكم إيذانا بليغا ينفي عنه الشكوك ، ابن عرفة : أراد الزمخشري أن تفعل ما يقتضي تكلف الفعل بمشقة ويصير النظر غير متعد كقولك في اكرم وتكرم وأراد ابن عطية : إنها مثلها في عدم تكلف الفعل والمشقة حمله الزمخشري : والله أعلم على أن التضعيف للتأكيد والمبالغة في الإذن قوله (رَبُّكُمْ) لأي شيء أضاف الرب للمخاطب والأصل إضافته إلى المتكلم ، فيقال : ربنا واجب بأنه لما طلب منهم الشكر أنابهم فأجد موجباته وهو اللفظ الدال على التراخي والتخافي وأضافه إليهم ليكون آكد في الشكر وإما هو فشكره حاصل ومعرفته بذلك مستقرة ثابتة.
قوله تعالى : (إِنَّا لَفِي شَكٍّ).
ابن عرفة : كيف جزموا أولا بالكفر ثم قالوا : (إِنَّا لَفِي شَكٍ) أو يجاب : باحتمال أن يريدوا بالأول قسم التوحيد ، وبالثاني قسم الشرائع والأحكام أو باحتمال العكس أو يراد إنما كفروا بما أرسلتم به من حيث الجملة وإننا لفي شك من الرسل بدليل قوله إن الله شك فهم شكوا في الله وكفروا بما جاءت به الرسل من هذه ونقل بعض الطلبة عن الأصبهاني شارح المحصول إنه قال الفرق بين الترديد في الحكم بالترديد وبين الحكم ، فقال له ابن عرفة : إنما ذلك في أو فقط ، فإن قلت : لم قال في سورة هود : (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) [سورة هود : ٦٢] وقال هنا (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ، قلنا : إما أفراد ضمير تدعونا هناك فلأنه خطاب لصالح وحده وإما جمع ضمير تدعوننا هنا فلأنه خطاب من جماعة من الناس بجماعة الرسل وأما حذف الضمير المنصوب بأن هنا وإثباته في هود ، فقال صاحب درة التنزيل : إنما اثبت ضمير النصب في هود لتقدم مثله قبله من النقل مثبتا في قوله (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) [سورة هود : ٦٢] وحذفه في إبراهيم وحذفه آخرا فقال : (إِنَّا لَفِي شَكٍ) [سورة هود : ٦٢] لتقدير نظيره قبله معبر لأخر الفعل وهو قوله (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) وقال أبو جعفر : حذف نون الضمير المنصوب من أن في هود لتكرار