ابن عرفة تارة يراد بالإنسان الجنس العام الباقي على عمومة فيحتاج إلى الاستثناء منه كقوله تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [سورة العصر : ١ ، ٢] وتارة يراد به الخصوص كهذه الآية وقوله (لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) المراد ظلم المعصية وكفار أي جاحد نعم ربه ، قيل لابن عرفة : لو أراد بالمفرد المحلى بالألف واللام العموم لجاز أكرمت الرجل ، الفضلاء واجمعوا على منعه ، فقال : إنما منعوه رعيا للمشاركة اللفظية.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً).
[٤٦ / ٢٢٠] وقال في البقرة : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [سورة البقرة : ١٢٦] أن آية البقرة مدنية وهذه مكية والقاعدة عنده أن اسم .... (١) قلنا إن المنزل أولا هو المدعو به أولا مع أنه لا يلزم هذا فقد يكون المنزل أولا هو المدعو به ثانيا لأن الاسم إذا تقدم نكرة ثم أعيد فإنه يعاد معرفا مثل (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [سورة المزمل : ١٥ ، ١٦] ابن عرفة : وعادتهم يوردون هنا سؤالا وهو أن القاعدة أن يكون المبتدأ معلوما وخبره مجهولا والبلد في قوله : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [سورة البقرة : ١٢٦] أصله قبل دخول الفعل عليه مبتدأ لأنه نعت لهذا ونعت المبتدأ مبتدأ وأما خبره وفي قوله : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [سورة البقرة : ١٢٦] هو مبتدأ و (بَلَداً) خبره و (آمِناً) نعته أو خبرا بعد خبر والقضية واحدة ، قال : وأجيب بأن الشيء في نعته ليس كهو مع غيره فهو معلوم من حيث كونه بلدا مجهولا من حيث كونه بلدا آمنا فالأول : كما نقول اجعل هذا رجلا صالحا دعوت له بالصلاح فقط ، والثاني : كقولك اجعل هذا رجلا صالحا مع أنه رجل لكنك دعوت له بالصلاح تحصيل المجموع ورد بأنه يلزم عليه أن يجوز زيد العاقل مخير بزيد العاقل عن زيد مع غيره إما إذا ثبت مجرد لفظه الأول فلا يجوز.
قوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ).
ابن عرفة : هذا دعاء على سبيل إظهار التدلل والخضوع لأنه عبادة الأصنام مستحيلة في حق النبي صلىاللهعليهوسلم إذ هو معصوم وقد قالوا : إن المستحيل عقلا لا يجوز طلبه كالطبراني في الهوى وكذلك لا يجوز للإنسان أن يقول رب اجعلني من غير خبر لأنه محال وكذلك المستحيل شرعا.
قوله تعالى : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ).
الزمخشري : نفى القليل والكثير والمراد به ليس فيه بحر ولا نجم ولا ماء ، ورده ابن عرفة : بأنه تقدم في الرعد أن قولك زيد ذو مال يفيد الكثرة والمبالغة ، قاله عياض في الإكمال : فيجيء الجواب فيه هنا كالجواب في قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [سورة فصلت : ٤٦].
__________________
(١) طمس في المخطوطة.