قوله تعالى : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ).
ابن عطية : قال جمهور الأمة : الآية خطاب للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وطن بعده من الأمر إلى يوم القيامة ، وقال أبو يوسف ، وإسماعيل بن عطية : الآية خاصة بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بأن الاهتمام به لا يعارضه شيء ، ابن عرفة : فالمعنى عند أبي يوسف : وإذا كنت فيهم بذاتك وخصوصيتك ، وعند الجمهور وإذا كتبت فيهم بشريعتك وسنتك ، فقضاياه أنه ينتج مع صلاة الخوف في سفر المعصية ، وظاهر حديث جابر العموم لقوله كما يفعل عسكر هؤلاء بأمرائهم فيفهم إن القضايا المعينة تعم ، مع إنه لا يعم هذا كله إلا على القول بأن الضمير جزؤه ، وإما على القول بأنها كلية فمذهب الجمهور واضح ورده في الباب حديث عن سهل بن خيثمة اتفق عليه البخاري [٢٥ / ١٢٤] ومسلم ، وحديث يزيد بن رومان انفرد به البخاري ، وحديث جابر بن عبد الله انفرد به مسلم ، والظاهر حديث سهل لاتفاق الصحابيين عليه ، على ما قال ابن الصلاح من أن الأصح اتفق عليه الصحيحان مع أن ظاهر الآية لا ينافيه.
قال ابن عرفة : وتقدمنا في الآية ثلاثة أسئلة :
الأول : لم قال : (كُنْتَ فِيهِمْ) مع أنه لو أسقط لاستقام المعنى ، فكان يقول : وإذا أقمت الصلاة؟ ، قال : وعادتهم يجيبون بأن كان يقتضي الدوام ولا سيما أنها بلفظ المضارع والعموم في الأزمنة ، يناسب العموم في الأشخاص فعموم اللفظ في الأزمنة قرينة في العموم بالأشخاص ، فأفاد قوله هذه الرخصة التي في صلاة الخوف بجميع الأمة العموم.
السؤال الثاني : لم قال (فِيهِمْ) ، ولم يقل : معهم؟ ، وأجيب : بأن مع تقتضي تبعية الأول لما بعدها ، والنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم متبوع لا تابع ، قال الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [سورة الأنفال : ٣٣].
السؤال الثالث : ما فائدة الإتيان بلفظ (لَهُمُ) ، ولو قيل : فأقمت الصلاة لاستقام المعنى؟ فالجواب : أنه إشارة إلى ما قال الفقهاء : من أن الإمام يلزمه نية الإمامة في أربعة مواضع الجمع ، والجمعة ، والخوف ، والاستخلاف في لفظ لهم إشعار بأنه سواء إقامتها لهم.
قوله تعالى : (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ).