نص عليه في قوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقال : إنما تلك في قصر الصلاة في السفر لا في الخوف ، وقد قالوا : إن بين الآيتين في النزول عام كامل.
قال الزمخشري : والضمير في أسلحتهم إما عائد على المصلين فيأخذوا ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ، وإما على غير المصلين فنقل عنه الطيبي عوده على المصلي [٢٥ / ١٢٥] فإن قلت : هلا قيل : لو تغفلون عن أسلحتكم وحذركم ؛ لأنه هو الذي وقع الأمر به في الآية ، قال : وتقدم الجواب بوجهين :
الأول : أن الغفلة عن أحد الأمرين تكفي في حصول المطلوب.
الثاني : أن هذا إشارة إلى جهلهم وبلادتهم في أنهم إنما يريدون الغفلة عن الأمر الحسي وهو السلاح المعنوي.
قوله تعالى : (إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى) فيه الإتيان في الجواب بالمطلوب وزيادة ، مثل حديث" هو الطهور ماؤه الحل ميتته (١) " ؛ لأن السبب الذي ذكروه عن عبد الرحمن بن عوف إنما هو في المرض فقط.
قوله تعالى : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) احتراز ؛ لأنه لما رفع عنهم الجناح في حمل السلاح حالة المطر والمرض قد يتوهم أنهم يترخصون ويتركون الحذر ولا ينشغلون به فأخبره من ذلك وأمرهم بأخذ الحذر ، بل الأمر هنا آكد ؛ لأن الحذر من العدو حالة عدم السلاح أشد منه حالة حمل السلاح.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً).
قال الزمخشري : إن كان يقال : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) إن كان العدو حريصا على قتالكم ، أو يقال : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) فإن الله أعد لكم أجرا عظيما ، ثم أجاب بأن ذلك إشارة إلى ما حصل في قلب العدو من الرعب والإهانة في الدنيا أي بحالة خوف ومهانة وإذلال ، بحيث لا يخافون منهم بوجه وهذا بناء على العذاب ، ثم سوّى ابن عرفة ، ويحتمل أن يكون أخرويا مثل ما قال الزمخشري : ويكون من باب الاستدلال
__________________
(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٥٣٧٠ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين حديث رقم : ٤٥٥ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٦٤ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ٧٦ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ٥٧ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ٣٨٠ ، والدارمي في سننه حديث رقم : ٧٢٥ ، والدارقطني في سننه حديث رقم : ٦٤ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٨٥٣٦.