الظاهر أن المصدر مضاف للمفعول فهو آكد للطلب ، أي : لا تطغوا في طلبكم القوم ، فإنهم يخافون منكم كما تخافون منهم مع زيادة أنكم ترجون ثواب الآخرة وهم لا يرجونه.
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ).
ابن عرفة : المجادلة مقاولة مقترنة بدليل ، والمخاصمة مقاولة غير مقرونة بدليل.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً).
قيل له : المناسب أن الله لا يحب من كان خائنا آثما فإن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم و (خَوَّاناً أَثِيماً) أخص من خائن ، ثم فقال : نصوا على أن لا يحب مثل قولهم يا حبذا زيد العام وهذه للذم العام ، فنفي أخص المحبة [.....] بأخص الخيانة والإثم لا يلزم منه ثبوتها الإثم بل هو أيضا محبوب لكنه مذموم ذما دون ذلك فليس هو مذموما عاما كالأول ، قلت : نظيره في سورة البقرة في قوله تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) [سورة البقرة : ٢٠٥] ، وفي قوله [٢٥ / ١٢٥] تعالى : (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [سورة البقرة : ٢٧٦].
قوله تعالى : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ).
قال ابن عرفة : هذا هل يتناول المباح أم لا؟ قال : لا يتناوله ويكون معنى الآية الذم أي يبيتون ما هو مذموم من القول.
قال الزمخشري : وأطلق القول على ما في النفوس فهو مجاز فتعقبه.
ابن عرفة : بأنه مصادم لمذهبه ؛ لأنه ينكر الكلام النفسي فكيف يبينه ويجعله مجازا ، قيل له : بل هو تحقيق لمذهبه ؛ لأنه يسميه إرادة ، فقال : تسميته في الآية قولا مجازا.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ).
ابن عطية : بمعنى واحد كرر للمبالغة ، الزمخشري : (يَعْمَلْ سُوءاً) قبيحا متعديا سواء غيره أو يظلم نفسه بمعصية خاصة به لا يتعداه ، وقيل : يعمل سوءا بذنب دون الشرك أو يظلم نفسه بالإشراك ، ابن عرفة : ويحتمل أن يكون يعمل سوءا متناول المعصية القاصرة والمتعدية ويظلم نفسه خاصة بالمعصية القاصرة ، ويكون من عطف الخاص على العام ، قيل له : الغالب في ذلك إنما يكون حيث يكون في الخاص ، يريد إشارتها على العام والعام هنا هو الذي فيه الخصوصية ؛ لأن المعصية المتعدية للغير