قوله تعالى : [٢٦ / ١٢٧] (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ).
ابن عرفة : أي يقول لهم تمنوا علي ، فإن تمنوا عليه شيئا يعدهم به ، فالوعد هو تطميعهم لهم بأمر فلا يردوا طلبوه أم لا؟ وهو أعم من قوله (يُمَنِّيهِمْ ؛) لأن الثاني أمر ملائم منفي.
قوله تعالى : (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) ولم يقل وما يعدهم ويمنيهم ؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص.
قوله تعالى : (أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) قال ابن عرفة : (مَأْواهُمْ) مبتدأ و (جَهَنَّمُ) خبره ؛ لأن المأوى منحصر في جهنم ، أي لا مأوى لهم إلا جهنم ، فإن قلت : ما أفاد قوله (وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) قلنا : فائدته أنه قد يتوهم أن يكون لهم في أثناء الإقامة فيها فتور عن العذاب وزمانه وأنهم يموتون فيها فيستريحون منه فنفي هذا التوهم بقوله (مَحِيصاً) فإن قلت : هلا قال : ولا محيص لهم عنها فهو أبلغ من نفي الوجدان ، لأن نفي الشيء بالإطلاق أبلغ من نفي وجدانه ، قلنا : إنما نفي الوجدان ليفيد أنهم يعذبون عذابا حسيا وعذابا معنويا بطلبهم المحيص وإشغالهم بذلك ، ثم حرمانهم منه بعد تشوقهم إليه.
قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أبو حيان : الأول مصدر مؤكد لنفسه ، وهو الذي يفهم معناها قبله.
قال ابن عرفة : مثل له على ألف درهم عرفا ؛ لأنه مفهوم من قوله على ، والثاني : مؤكد لغيره أي حق ذلك حقا.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) ابن عرفة : تقدم لنا في هذا التركيب أنه يقتضي نفي الأصدق ولا يقتضي نفي المساوي ، وتقدم الجواب ، قال : والقول أعم من الكلام ، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص ، قال أبو جعفر بن الزبير ، وقال هنا :
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) وقال قبله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) [سورة النساء : ٨٧] فإنه لما تقدم هنا وعد المؤمنين بالنعيم المقيم والثواب الجزيل عقبه بقوله (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) لم يكرر لفظ الوعد هروبا من الثقل ، وأتى بما يناسب في اللفظ والمعنى وألحقه ؛ لأن قيل : صدر ساكن الوسط كمال الوعد والحق كذلك ، ولما تقدم قال : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) [سورة النساء : ٨٧] وهذا اختبار وحديث عن البعث ، قال (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) [سورة النساء : ٨٧].
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).