إما باعتبار الملك ، أو باعتبار الخلق والاختراع ، وقدم المجرور وهو خبر إما للحصر أو للتشريف ، فإن كان باعتبار الملك فالحصر ظاهر ، وإن كان باعتبار الخلق والاختراع فينكره المعتزلي.
قيل لابن عرفة : وهل يدخل فيه الظرف وهو (السَّماواتِ) [...] ، فقال : يدخل في قوله (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) وقال : هنا مبتدأ لما قيل بأحد وجهين : إما أنه لما تقدم فيها (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ) فقد يتوهم منه اختصاص خلته إبراهيم لأجل اختصاصهم إياه بالخلة ، فأفاد أن جميع الخلق ملك له على جهة الاختراع ، وقال ابن المنير : إن نسبته الخلة لإبراهيم قد يتوهم منها أنه غير مملوك لله عزوجل ، فأفاد هذا أنه مملوك له.
الوجه الثاني : أنه راجع لقوله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) فيقال : إذا يقال ؛ لأن جميع الخلق ملك لله عزوجل.
قوله تعالى : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ).
هو القدر الزائد على العدل ، وهو أن تفضلوا بالزيادة على حظهم واكتفوا بهذا عن أن يقول : وما تفعلوا من شيء ، وهو النقصان من العدل فإن الله به عليم ، أو علمه بالخير يستلزم علمه بالشر كله ، قال ابن الحاجب : فإن نقيض الخفي خفي ، ونقيض الجلي جلي ؛ لأن العلم بأحد المعنيين يستلزم بالآخر.
قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً).
هو الارتفاع منها بتطليقها ، والإعراض عما لها مع القيام معها ، قلت : إنما ينفي الجناح عن الرجل ؛ لأنه الناشز المعرض ، قلنا : والمرأة يتوهم أن عليها الجناح في إهمالها نفسها وبقائها مع زوجها حالة إعراضه عنها ؛ لأن فيها في ذلك معرة بين أقرانها وقرابتها ، فقد يتوهم أن ذلك منكر شرعا لما كان منكرا عادة ، فقال : لا جناح فيه.
قوله تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ).
لأنه هو الذي في الأنفس كما يقول : كسي زيد جبة وأعطي عشرون درهما.
قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ).
دليل على وجوب اتصافه على صفتي الإرادة والقدرة ، وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تقدمها (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) وتضمنت وكيل على الأشياء كلها ، جاءت هذه كالدليل عقبها في أنه القادر على الإعدام والإيجاد.