قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ).
[٢٦ / ١٢٧] وقال في سورة العقود (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) [سورة المائدة : ٨] فراعى هنا لفظ (قَوَّامِينَ) فناسب اقترانه لقوله (بِالْقِسْطِ) وراعى هناك اسم الجلالة فقدمه لشرعه ، وأجاب الزبير بأن آية النساء قبلها الأمر بالعدل ، قال تعالى (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) فناسب تقديمه ، وآية المائدة قبلها الأمر بالطهارة ، ثم تذكير العبد بنعم الله عليه ، ثم أمره بتقواه فناسب تقديم اسم الله.
قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما).
ابن عرفة : الظاهر أن الجواب محذوف ، أي فهو مصدق أوامره إلى الله والله أولى به ، فلا يقولوا هذا أغنى فلا يشهد ، وهذا فقير فلا نشهد عليه بل أقيموا الشهادة لله بالقسط والعدل ولا تظلموا أحد.
قوله تعالى : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا).
قال أبو حيان : إما أن المعنى كراهية أن تعدلوا بين النساء فلا تطيعوا أنفسكم وأهواءكم كراهية العدل بين النساء ، أو فلا تطيعوا أنفسكم إرادة أن لا تعدلوا.
ابن عرفة : فما قالوا هم في عين التعليل ، وما قاله أبو حيان تعليل النهي.
قال ابن عطية : احتج للحاكم أن يرشد الضعيف بما ينفعه ويشد عضده.
قال ابن عرفة : حكى لنا القاضي ابن عبد السّلام عن القاضي أبي عبد الله محمد ابن الخباز ، أنه تحاكم عنده رجلان طويل وقصير ، فظهر من القصير نباهة وحذق ، ومن الطويل فتور ومكنة ، فقال له القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم المعروف بابن الخباز : ما اسمك؟ فقال له الطويل : اسمي فارس ، فقال له : يا فارس ما لك يغلبك هذا الفويرس.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ).
قال ابن عرفة : إما أن يريد بالأمر الثاني : الأيمان العقلية والشرعية ، والظاهر أن يراد لوازمه الشرعية كالصلاة والزكاة والحج ؛ لأنه لا يلزم من الأمر الأول الأمر بها ، فإن قلت : هلا قيل : ورسله بلفظ الجمع أخص وأعم فائدة ، واجب وأقيس إما بأن الرسل لما كانت مقاصده واحدة ، فكلهم يدعون أن الإيمان بالله وتوحيده وما يجب له وما يستحيل عليه كانوا كالرسول الواحد ، وإما بأن الرسول أعم من الرسل ، كما قال