قال ابن عطية ، والزمخشري : وأخذوا منه أن الملائكة أفضل من سائر الأنبياء ومن عيسى.
قال الزمخشري : لأن علم البيان يقتضي أنك إذا قلت : لن يفعل هذا زيد ولا عمرو أن يكون عمرو أفضل من زيد.
قال ابن عرفة : وعادتهم يردون عليه بأنه يلزم عليه أن يكون العطف تأكيدا مع التأسيس أولا ؛ لأن نفي الصفة المرجوحة لا يستلزم نفيها عن الفاصل بخلاف العكس ، يقول : لا يشرب الخمر صالح ولا طالح ، قال ابن المنير : وهذا باعتبار الثواب في الدار الآخرة فقد تكون الملائكة في الدار الآخرة كما ورد أن إبراهيم ألقي في النار فلم يحترق ، وروي أن جبريل حمل على جناحيه قوم لوط ، فقال ابن عرفة : إنما التفضيل بينهم مطلقا في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ).
قال الذي يظهر أن الاستنكاف أخص من الاستكبار : فلا يلزم من حشر المستنكفين عن العبادة وتعذيبهم تعذيب المستكبرين ، فلذلك كان العطف تأسيسا.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
ابن عطية : البرهان هو الحجة البينة الواضحة التي تعطي اليقين التام.
ابن عرفة : الدليل يطلق على الحجة المقيدة القطع ، وعلى المقيدة الظن والبرهان الاصطلاح إنما هو الحجة القطعية المقيدة لليقين ، وقد يطلق البرهان في اللغة على الدليل الأعم من إفادة القطع والظن والبرهان إنما يخاطب به الخواص الدليل خاطب به العوام وعليه قول الشاعر :
أقلد وجدي فالبرهان مهتدي |
|
فما أضيع البرهان عند المقلد |
وكان يمشي لنا أن الصواب غير ما قال ابن عطية : وهو أن يراد هنا بالبرهان الدليل الأعم من إعادة الظن أو للقطع لقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) هي خطاب للجميع فيتناول الخواص والعوام.
ابن عرفة : هذا إن أريد بالبرهان القرآن ، ويكون عطف النور عليه من باب عطف الصفات ، فهو برهان ونور مبين.