ابن عرفة : وله أن يجيب بأن يكون مراده أن يكون بالاختيار المختار فيفيد المذهب المختار ، كذا فلا ينافي أن يكون ثم مذهب آخر غير مختار وهو مذهب الكسائي ، أي وليس مراده أن اختيار الناس الكل في المسألة كذا.
قوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) ابن عرفة : قال بعضهم : الشنآن هو المباينة الناشئة عن العداوة والبغضاء ، والصواب أن اتصافه للفاعل بغض قوم إياكم ؛ لأن المراد بغضكم قوم.
قوله تعالى : (أَنْ صَدُّوكُمْ).
قرئ بفتح أن وكسرها ، قال بعضهم : أن بمعنى إذا.
قوله تعالى : (أَنْ تَعْتَدُوا).
والاعتداء إن فعل بمن ظلمه أكثر مما فعل هو به وهذا خلاف قول مالك ؛ لأنه حمل قوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : «أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك» (١) فقال : لا يجوز لمن ظلمك بأخذك عشرة دنانير أن تأخذ أنت له عشرة دنانير فأخذ بظاهر الحديث ، وقال غيره : الخيانة هي أخذه أكثر من ذلك ، قيل له : فقوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [سورة البقرة : ١٩٤] فقال : ذلك على سبيل المقابلة ، والاعتداء إنما هو التجاوز والزيادة على فعل المعتدي.
قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى).
قال ابن عرفة : قال بعضهم : البر هو الحكم بامتثال المأمورات ، والتقوى راجعة إلى اجتناب المنهيات.
قيل لابن عرفة : هذا يقوم مقام (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ، فأجاب بعضهم بأنه بناء على القول بأن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده.
__________________
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه ٢ / ٥٣ ، والترمذي في سننه ٣ / ٥٦٤ ، وأبو داود في سننه ٣ / ٢٩٠ ، والدارمي في سننه ٢ / ٣٤٣ ، والبيهقي في سننه الكبرى ١٠ / ٢٧٠ ، وأحمد في مسنده ٣ / ٤١٤ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٤ / ١٤٥. وقال : رواه الطبراني في الكبير ، وفيه يحيى بن عثمان بن صالح المصري ، قال ابن أبي حاتم : تكلموا فيه ، وقال الترمذي في سننه : قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب.