أى تبعدون فى الأرض ، ويقال : تصعدون الجبل بعد الهزيمة (وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) لا تلتفتون إلى محمد عليهالسلام ، ولا تقفون له (وَالرَّسُولُ) محمد (يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) من خلفكم يا معشر المؤمنين أنا رسول الله قفوا فلم تقفوا (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) زادكم الله غما على غم إشراف خالد بن الوليد بغم القتل والهزيمة (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) ولكى لا تحزنوا على ما أصابكم من القتل والجراحة (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣)) فى الجهاد والهزيمة.
ثم ذكر منته عليهم ، فقال : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً) من العدو (نُعاساً يَغْشى طائِفَةً) أخذ طائفة (مِنْكُمْ) النعاس فنام من كان منكم أهل الصدق واليقين (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) قد أخذتهم همة أنفسهم معتب بن قشير المنافق وأصحابه لم يأخذهم النوم (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) أن لا ينصر الله رسوله وأصحابه (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) كظنهم فى الجاهلية (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ) من النصرة والدولة (مِنْ شَيْءٍ قُلْ) يا محمد (إِنَّ الْأَمْرَ) الدولة والنصرة (كُلَّهُ لِلَّهِ) بيد الله (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) يسترون فيما بينهم (ما لا يُبْدُونَ لَكَ) ما لا يظهرون لك مخافة القتل (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ) من الدولة والنصرة (شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ) يا محمد للمنافقين (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) فى المدينة (لَبَرَزَ) لخرج (الَّذِينَ كُتِبَ) قضى (عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) إلى مقتلهم ومصارعهم بأحد (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ) ليختبر الله (ما فِي صُدُورِكُمْ) بما فى قلوب المنافقين (وَلِيُمَحِّصَ) ليبين (ما فِي قُلُوبِكُمْ) من النفاق (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)) بما فى القلوب من الخير والشر ، يعنى المنافقين ، ويقال : الرماة.
ثم ذكر المنهزمين يوم أحد ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ) بالهزيمة عثمان بن عفان وأصحابه (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع محمد (صلىاللهعليهوسلم) وجمع أبى سفيان (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ) زين لهم ذلك الشيطان أن محمدا قد قتل فانهزموا ستة فراسخ وكانوا ستة نفر (بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) بتركهم المركز (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) إذ لم يستأصلهم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمن تاب منهم (حَلِيمٌ (١٥٥)) إذ لم يعجل لهم العقوبة ، ثم قال لأصحاب محمد عليهالسلام : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (لا تَكُونُوا) فى
__________________
ومعانى الفراء (١ / ٢٣٩) ، وتفسير الطبرى (٤ / ٨٧).