(أَيْنَ ما تَكُونُوا) يا معشر المؤمنين المخلصين والمنافقين فى بر أو بحر فى سفر أو حصر (يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) فتموتوا (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) فى قصور حصينة ، ثم ذكر مقالة اليهود والمنافقين ما زلنا نعرف النقص فى ثمارنا ومزارعنا منذ قدم علينا محمد وأصحابه ، فقال : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) يعنى المنافقين واليهود (حَسَنَةٌ) الخصب ورخص السعر وتتابع السنة بالأمطار (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) لما علم فينا الخير (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) القحط والجدوبة والشدة وغلاء السعر (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) يعنون من شؤم محمد وأصحابه (قُلْ) يا محمد للمنافقين واليهود (كُلٌ) فى الشدة والنعمة (مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) يعنى المنافقين واليهود (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨)) قولا إن النعمة والشدة من الله.
ثم ذكر بما ذا تصيبهم النعمة والشدة ، فقال : (ما أَصابَكَ) يا محمد (مِنْ حَسَنَةٍ) من خصب ورخص السعر وتتابع السنة بالأمطار (فَمِنَ اللهِ) فمن نعمة الله عليك خاطب به محمدا (صلىاللهعليهوسلم) وعنى به قومه (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) من قحط وجدوبة وغلاء السعر (فَمِنْ نَفْسِكَ) فلقبل طهارة نفسك يطهرك بذلك ، ويقال : ما أصابك من حسنة من فتح وغنيمة (فَمِنَ اللهِ) فمن كرامة الله (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) من قتل وهزيمة مثل يوم أحد (فَمِنْ نَفْسِكَ) فبذنب أصحابك بتركهم المركز ، ويقال : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) ما عملت من خير فمن الله بتوفيقه وعونه ، وما أصابك من سيئة ما عملت من شر ، فمن نفسك ، فمن قبل جناية نفسك خذلانه (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ) إلى الجن والإنس (رَسُولاً) بالبلاغ (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩)) على مقالتهم إن الحسنة من الله والسيئة من شؤم محمد (صلىاللهعليهوسلم) وأصحابه ، ويقال : وكفى بالله شهيدا على قولهم ائتنا بشهيد يشهد بأنك رسول الله ، فلما نزل : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) قال عبد الله بن أبى : يأمرنا محمد أن نطيعه دون الله ، فنزل فيه (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ) فيما يأمره (فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) لأن الرسول لا يأمر إلا بما أمر الله (وَمَنْ تَوَلَّى) عن طاعة الرسول (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠)) كفيلا.
(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ
__________________
وزاد المسير (٢ / ١٣٨).