(يا أَيُّهَا النَّاسُ) يا أهل مكة (قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ) محمد (بِالْحَقِ) بالتوحيد والقرآن (مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا) بمحمد والقرآن (خَيْراً لَكُمْ) مما أنتم عليه (وَإِنْ تَكْفُرُوا) بمحمد والقرآن (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كلهم عبيده وإماؤه (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بمن يؤمن ومن لا يؤمن (حَكِيماً (١٧٠)) حكم عليهم أن لا يعبدوا غيره.
ثم نزل فى نصارى أهل نجران النسطورية وهم الذين قالوا : عيسى ابن الله ، والمار يعقوبية وهم الذين قالوا : عيسى هو الله ، والمرقوسية وهم الذين قالوا : ثالث ثلاثة ، والملكانية وهم الذين قالوا : عيسى والرب شريكان ، فأنزل الله فيهم : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا) لا تشددوا (فِي دِينِكُمْ) فإنه ليس بحق (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) الصدق (١)(إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) وصار بكلمة من الله مخلوقا (وَرُوحٌ مِنْهُ) وبأمر منه صار ولدا بلا أب (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) جملة الرسل عيسى وغيره (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) ولد ووالد وزوجة (انْتَهُوا) عن مقالتكم وتوبوا (خَيْراً لَكُمْ) من مقالتكم (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) بلا ولد ولا شريك (سُبْحانَهُ) نزه نفسه (أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) عبيدا (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١)) ربا للخلق وشهيدا على ما قال من خبر عيسى (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) لن يأنف المسيح (أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) أن يقرّ بالعبودية لله ، نزلت هذه الآية فى قولهم : إنه عار على صاحبنا ما تقول يا محمد ، فأنزل الله إنه ليس بعار أن يكون عيسى عبدا لله (٢)(وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) يقول : ولا تأنف الملائكة المقربون حملة العرش أن يقروا بالعبودية لله (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ) يأنف (عَنْ عِبادَتِهِ) عن الإقرار بعبوديته (وَيَسْتَكْبِرْ) عن الإيمان بالله (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ) يوم القيامة (جَمِيعاً (١٧٢)) الكافر والمؤمن.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الطاعات فيما بينهم وبين ربهم (فَيُوَفِّيهِمْ) فيوفرهم (أُجُورَهُمْ) ثوابهم فى الجنة (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) كرامته (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا) أنفوا (وَاسْتَكْبَرُوا) عن الإيمان
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٦ / ٢١٥) ، وزاد المسير (٢ / ٢٦١) ، ومعانى الفراء (١ / ٦٩١) ، والزجاج (٢ / ٢١٤).
(٢) انظر : تفسير الطبرى (٦ / ٢٦) ، وزاد المسير (٢ / ٢٦٣).