مولاهم الحق معبودهم بالحق ، ولكن لم يعبدوه بالحق غاية عبادته ، وكل معبود غير الله باطل (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) القضاء بين العباد يوم القيامة (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢)) إذا حاسب فحسابه سريع (قُلْ) يا محمد لكفار مكة (مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) من شدائد البر والبحر وأهوالهما (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) سر أو علانية ، وإن قرأت بجر الخاء وتقديم الياء من الفاء ، يقول : مستكينا وخوفا (لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ) الأهوال والشدائد (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣)) من المؤمنين.
(قُلِ) يا محمد لهم (اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها) من شدائد البر والبحر (وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) غم وهول (ثُمَّ أَنْتُمْ) يا أهل مكة (تُشْرِكُونَ (٦٤)) به الأصنام (قُلْ) يا محمد لهم (هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) كما بعث على قوم نوح ، وقوم لوط (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) أى يخسف بكم الأرض كما خسف بقارون (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) أهواء مختلفة كما كانت فى بنى إسرائيل بعد النبيين (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) بالسيف (انْظُرْ) يا محمد (كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) نبين القرآن بأخبار الأمم الماضية ، وما فعلنا بهم (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥)) لكى يفقهوا أمر الله وتوحيده (وَكَذَّبَ بِهِ) بالقرآن (قَوْمُكَ) قريش (وَهُوَ الْحَقُ) يعنى القرآن (قُلْ) يا محمد (لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦)) بكفيل أن أوديكم إلى الله مؤمنين (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) لكل قول من الله ومنى من الأمر والنهى والوعد والوعيد والبشرى بالنصرة والعذاب مستقر أى فعل وحقيقة منه ما يكون فى الدنيا ، ومنه ما يكون فى الآخرة (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)) ذلك فى الدنيا والآخرة ، ويقال : لكل نبأ قول وفعل منكم حقيقة وحقيقة ذلك فى القلب وسوف تعلمون ما ذا يفعل بكم (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) يستهزءون بك وبالقرآن (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) فاترك مجالسهم (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) كى يكون خوضهم وحديثهم فى غير القرآن والاستهزاء بك (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ) بعد النهى (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى) بعد ما ذكرت (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)) المشركين أمر الله نبيه بذلك إذ كان بمكة فشق على أصحابه ذلك فرخص لهم بعد ذلك بالجلوس معهم للعظة والنهى.
فقال : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ) الكفر والشرك والفواحش والاستهزاء (مِنْ حِسابِهِمْ) من مأثمهم والكفر والاستهزاء بهم (مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى) ذكرهم بالقرآن (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩)) الكفر والشرك والفواحش والاستهزاء بالقرآن