(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) قلعنا ورفعنا وحبسنا الجبل (فَوْقَهُمْ) فوق رءوسهم (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) علالى (وَظَنُّوا) علموا وأيقنوا (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) نازل عليهم إن لم يقبلوا الكتاب (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) اعملوا بما أعطيناكم (بِقُوَّةٍ) بجد ومواظبة النفس (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) من الثواب والعقاب ، ويقال : احفظوا ما فيه من الأمر والنهى ، ويقال : اعملوا بما فيه من الحلال والحرام (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)) لكى تتقوا السخط والعذاب وتطيعوا الله (وَإِذْ) قد (أَخَذَ رَبُّكَ) يا محمد يوم الميثاق (مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) يقول : ذريتهم من ظهورهم مقدم ومؤخر (وَأَشْهَدَهُمْ) استنطقهم (عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) علمنا وأقررنا بأنك ربنا ، فقال الله للملائكة : اشهدوا عليهم ، وقال لهم : ليشهد بعضكم على بعض (أَنْ تَقُولُوا) لكى لا تقولوا (يَوْمَ الْقِيامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هذا) الميثاق (غافِلِينَ (١٧٢)) لم يؤخذ علينا.
(أَوْ تَقُولُوا) لكى لا تقولوا (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ) من قبلنا ونقضوا الميثاق والعهد قبلنا (وَكُنَّا ذُرِّيَّةً) صغارا ضعفاء (مِنْ بَعْدِهِمْ) اقتدينا بهم (أَفَتُهْلِكُنا) أفتعذبنا (بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)) المشركون قبلنا فى نقض العهد (وَكَذلِكَ) هكذا (نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبين القرآن بخبر الميثاق (وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤)) لكى يرجعوا من الكفر والشرك إلى الميثاق الأول (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) أقرأ عليهم يا محمد (نَبَأَ) خبر (الَّذِي آتَيْناهُ) أعطيناه (آياتِنا) الاسم الأعظم (فَانْسَلَخَ مِنْها) فخرج منها وهو بلعم بن باعوراء أكرمه الله بالاسم الأعظم فدعا به على موسى فأخذه الله منه حفظ ذلك ، ويقال : أمية بن أبى الصلت أكرمه الله تعالى بعلم حسن ، وكلام حسن ، ولما لم يؤمن أخذ الله منه ذلك (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) فغره الشيطان (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥)) فصار من الضالين الكافرين (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) بالاسم الأعظم إلى السماء فملكناه بها على أهل الدنيا (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) مال إلى الأرض (وَاتَّبَعَ هَواهُ) هوى الملك ، ويقال : هوى نفسه بمساوئ الأمور (فَمَثَلُهُ) مثل بلعم ، ويقال : مثل أمية بن أبى الصلت (كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ) إن تشدد عليه فتطرده (يَلْهَثْ) يدلع لسانه (أَوْ تَتْرُكْهُ) فلا تطرده (يَلْهَثْ) يدلع لسانه كذلك مثل بلعم ، وأمية إن وعظ لم يتعظ ، وإن سكت عنه لم يعقل (١)(ذلِكَ) هكذا (مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بمحمد (صلىاللهعليهوسلم) والقرآن وهم اليهود
__________________
(١) انظر : معانى الزجاج (٢ / ٤٣٢) ، وتفسير الطبرى (٩ / ٨٨) ، وتفسير القرطبى (٧ / ٣٢٢).