وعلى القضبان عناقيد العنب فاجتنى العنب فعصره وناوله الملك ، فقال له يوسف : أحسن ما رأيت ، أما الكرم فهو العمل الذى كنت فيه ، وأما الحبلة فهى سلطانك على ذلك ، وأما حسنها فهو عزك وكرامتك فى ذلك العمل ، وأما ثلاثة قضبان على الحبلة فهى ثلاثة أيام تكون فى السجن فتخرج فتعود إلى عملك ، وأما العنب الذى عصرت وناولت الملك فهو أن يردك إلى عملك ويكرمك ويحسن إليك (وَقالَ الْآخَرُ) وهو الخباز (إِنِّي أَرانِي) رأيت نفسى (أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) وكان رؤياه أنه رأى فى منامه كأنه يخرج من مطبخ الملك وعلى رأسه ثلاث سلال من الخبز فوقع طير على أعلاها وأكل منها ، فقال له يوسف : بئس ما رأيت أما خروجك من المطبخ فهو أن تخرج من عملك ، وأما ثلاث سلال فهى ثلاثة أيام تكون فى السجن ، وأما أكل الطير من رأسك فهو أن يخرجك الملك بعد ثلاثة أيام ويصلبك وتأكل الطير من رأسك ، وقالا قبل تعبيره : (نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ) أخبرنا بتأويل رؤيانا (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)) إلى أهل السجن ، ويقال : من الصادقين فيما يقول (قالَ) لهما يوسف وأراد أن يعلمهما علمه بتعبير الرؤيا (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) تطعمانه (إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) بلونه وجنسه (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) كيف لا أعلم تعبير رؤياكما (١)(ذلِكُما) التعبير (مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ) لم أتبع دين قوم (لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) بالبعث بعد الموت (هُمْ كافِرُونَ (٣٧)) جاحدون (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي) استقمت على دين آبائى (إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا) ما جاز لنا (أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ) شيئا من الأصنام (ذلِكَ) الدين القيم والنبوة والإسلام اللذان أكرمنا الله بهما (مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا) من من الله علينا (وَعَلَى النَّاسِ) بإرسالنا إليهم ، ويقال : على المؤمنين بالإيمان (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل مصر (لا يَشْكُرُونَ (٣٨)) لا يؤمنون بذلك (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) قال هذا للسجان ولأهل السجن (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ) يقول أعبادة آلهة شتى خير (أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩)) أم عبادة الله الواحد بلا ولد ولا شريك القهار الغالب على خلقه (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ) من دون الله (إِلَّا أَسْماءً) أصناما أمواتا (سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) الآلهة (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها) بعبادتكم لها (مِنْ سُلْطانٍ) من كتاب ولا حجة (إِنِ الْحُكْمُ) ما الحكم بالأمر والنهى ، ويقال : ما القضاء فى الدنيا والآخرة
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٤ / ٣٣٣) ، وغريب ابن قتيبة (٢١٨) ، وتفسير القرطبى (٩ / ٢٠٤) والنكت للماوردى (٢ / ٢٧٥).