** (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الثانية أي فعذاب للكافرين أي ألزمهم الله هذا العذاب. و «الويل» هو حلول الشر وهو في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر وهلاك .. وقيل : هو اسم واد في جهنّم. وهو مصدر إن أضيف وجب نصبه على المفعولية المطلقة نحو : ويلك وإن لم يضف كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا جاز في النصب نحو «ويلا» والرفع على الابتداء «ويل» وجاءت لفظة «ويل» مبتدأ وهي نكرة حيث لا يجوز الابتداء بالنكرة وسبب ذلك هو أن اللفظة في الأصل مصدر سادّ مسدّ فعله ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه. وقيل : جاءت نكرة لأنها متضمنة معنى الفعل بدعاء مثل قولنا : سلام عليكم. وقيل : إنّها قريبة من المعرفة. وقد خرجوا من لفظة «ويل» الفعل و «يل» فقيل : ويّل فلانا ولفلان يويّل توييلا : أي أكثر له من ذكر «الويل» وتوايل الرجلان : بمعنى : دعا أحدهما على الآخر بالويل .. أي بالهلاك والشر أمّا «الويلة» فهي «البليّة» و «الفضيحة» وجمعها : ويلات ـ بسكون الياء وليس بفتحها وإن كانت على وزن «فعلة» التي تجمع على «فعلات» إذا كان المفرد صحيح العين مثل : ضربة تجمع على «ضربات» أما إذا كان المفرد معتلّ العين كما في «ويلة» و «ثورة» فجمعه ساكن العين وزعم بعضهم أنّه دعاء له. أي دعاء للرجل في معرض الدعاء عليه .. والعرب تفعل ذلك صرفا لعين الكمال عن المدعوّ عليه. ومنه قولهم : قاتله الله ما أفصحه؟
** (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الثالثة حذف مفعول «يصدون» اختصارا لأن المعنى والتقدير : ويمنعون الناس عن سلوك سبيل الله أي الإيمان والدخول في الإسلام وحذف أيضا المضاف «سلوك» وحلّ المضاف إليه «سبيل» محلّه.
** (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : أي أولئك الكفار في ضلال بعيد المدى في خطأ أي متوغلين في التطرف فحذفت الصفة أو البدل اختصارا لأن ما قبله يدل عليه والمحذوف هو «الكفار» كما حذف المضاف إليه «المدى» فنوّن آخر المضاف «بعيد» بعد انقطاعه عن الإضافة.
** (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الرابعة. بمعنى ما أرسلنا رسولا قبلك إلا متحدثا بلسان قومه ليبيّن لهم حقوقهم وواجباتهم .. فحذف مفعول «يبيّن» وهو «حقوقهم وواجباتهم ما أتى به من الشريعة و «اللسان» يذكّر ويؤنّث .. فمن ذكّر جمعه على «ألسنة» ومن أنّث جمعه على «ألسن» قال أبو حاتم : والتذكير أكثر وهو في القرآن الكريم كلّه مذكّر. و «اللسان» إذا لفظ مؤنّثا ذهب به إلى معنى «اللغة» ويذكّر باعتبار أنه لفظ. فيقال : لسانه فصيحة وفصيح .. أي لغته فصيحة أو نطقه فصيح. وضربت الأمثال الكثيرة عن اللسان وقيل فيه وعنه الحكم .. منها : عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان. ويقال : فلان لا أصل له ولا فصل. قال الكسائيّ : الأصل : هو الحسب. والفصل : هو اللسان يعني النطق. وجاء في الحديث الشريف : جمال الرجل فصاحة لسانه.
** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الخامسة. بمعنى أرسلنا موسى بجميع معجزاته. و «موسى» عليهالسلام .. سمّي بهذا الاسم لأن معناه باللغة القبطية : ابن الماء والشجرة ـ وجاءت هذه التسمية له لأنه ارتبط بحادث إلقائه في النيل وهو في مهده وسار المهد إلى أن اعترضته شجرة وعثر عليه فرعون مصر.