من معاني «اللسان» اللغة. واللسان عضو النطق لدي الإنسان يذكّر ويؤنّث. فمن ذكّره جمعه على «ألسنة» ومن أنّثه جمعه على «ألسن» قال أبو حاتم : التذكير أكثر وهو في القرآن الكريم كلّه مذكّر و «اللسان» هو اللغة فيؤنّث على هذا المعنى. وقد يذكّر باعتبار أنّه لفظ .. فيقال : هذا رجل لسانه فصيحة : أي لغته فصيحة. ولسانه فصيح : أي نطقه فصيح وتأكيدا لما ذهب إليه أبو حاتم من أنّ «اللسان» ورد مذكّرا فقط في القرآن الكريم هو أنّ لفظة «ألسنة» وهي جمع «لسان» في حالة جعله مذكّرا ورد عشر مرات في القرآن الكريم في حين أنّ الجمع الثاني للسان في حالة جعله مؤنثا وهو «ألسن» لم يرد له ذكر في كتاب الله الكريم.
** (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السادسة بعد المائة وفيه أفرد الفعل «كفر» والضمير «الهاء» في «إيمانه» وهو عائد على «من» والمراد به لفظ «من» وجمع الضمير العائد على «من» في «عليهم غضب .. ولهم عذاب ..» لأن المراد معنى «من» لا لفظها.
** (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) : المعنى : ولكن من اتّسع صدره للكفر فقبله وطاب نفسا .. يقال : شرح ـ يشرح ـ الله صدره للإسلام .. بمعنى : وسّعه لقبول الحق فانشرح صدره .. وهو من باب «قطع» ويقال : شرح الشيء الغامض : أي فسّره وبيّنه واوضح معناه. قال الفيّوميّ : وتصغير المصدر هو شريح .. وبه سمّي القاضي شريح وبه كني أيضا ومنه «أبو شريح» واسمه : خويلد بن عمر الكعبيّ العدويّ.
** (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا) : أي ذلك الكفر بعد الإيمان أو ذلك الوعيد بسبب أي واقع عليهم بسبب إيثارهم الدنيا على الآخرة .. فحذفت الصفة أو البدل المشار إليه اختصارا وهو «الوعيد».
** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة السادسة بعد المائة في شأن عمار بن ياسر الذي عذّبه المشركون وأجبروه على سبّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكر آلهتهم بخير .. ثم أقرّ أمام النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بأنّه مطمئنّ بالإيمان.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (١٠٨)
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك». طبع : فعل ماض مبني على الفتح. والجملة الفعلية «طبع الله على قلوبهم» صلة الموصول لا محل لها.
(اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. على قلوب : جار ومجرور متعلق بطبع و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي ختم على قلوبهم بمعنى : أغلق قلوبهم ومنعهم عن الفهم.