** (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) : أي فلا تطعهما فيما حاولا لأن الشرك ظلم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق واعطف عليهما واحتملهما أي وصاحبهما صحابا معروفا فيه عطف واحتمال يقال : صحبه ـ يصحبه ـ صحابة ـ بفتح الصاد ـ من باب «سلم» وصحبة أيضا فهو صاحب ـ اسم فاعل ـ وجمعه : صحب ـ بفتح الصاد وسكون الحاء ـ وصحاب ـ بكسر الصاد ـ والأصحاب : جمع «صحب» و «الصحابة» هم الأصحاب. وهي في الأصل مصدر ولم يجمع «فاعل» على فعالة» إلا هذا الاسم فقط ويجمع «الأصحاب» على «أصاحيب» ويقال في النداء : يا صاح : أي يا صاحبي ولا يجوز ترخيم المضاف إلا في هذا وحده لأنه سمع من العرب مرخما وهذا النوع من الترخيم أي «يا صاح» بكسر الحاء يسمى لغة من ينتظر لأنه أبقي على كسر الحاء على الأصل وحذف الباء فقط. وسمي النبي يونس بن متى : ذا النون : أي صاحب الحوت. وقيل : كان لأبي الأسود الدؤلي امرأتان إحداهما عجوز طيبة العشرة .. حسنة التدبير تدعى أم عوف وهي التي يقول الشاعر فيها :
أبى القلب إلا أم عوف وحبها |
|
عجوزا ومن يعشق عجوزا يفند |
والامرأة الثانية لأبي الأسود الدؤلي شابة مليحة الوجه ولكنها متمردة تدعى فاطمة بنت دعمى .. تزوجها فتجنت عليه فهجاها بقوله :
تعاتبني عرسي على أن أطيعها |
|
لقد كذبتها نفسها ما تمنت |
وظنت بأني كل ما رضيت به |
|
رضيت به يا جهلها كيف ظنت |
وصاحبتها ما لو صحبت بمثله |
|
على ذعرها أروية لاطمأنت |
وقد غرها مني على الشيب والبلى |
|
جنوني بها جنت حيالي وحنت |
و «حنت» كلمة تقال اتباعا لجنت وتأكيدا لها. و «الأورية» هي أنثى «الوعل».
** (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة عشرة وفيه حذف مفعول «أؤمر» أي وأمر الناس بالمعروف أي بالأمر الحسن.
** (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) : أي واصبر على ما أصابك أي على المصائب والشدائد إن ذلك الامتثال لهذه الوصايا مما عزمه الله سبحانه من الأمور : أي قطعه .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الامتثال لهذه الوصايا» لأن ما قبله يدل عليه وعزم الأمور : أصله : من معزومات الأمور أي مقطوعها ومفروضاتها وهو من تسمية المفعول بالمصدر وقيل : يجوز أن يكون مصدرا في معنى الفاعل. أصله : من عازمات الأمور أو من عزم أصحاب الأمور فحذف المضاف إليه الأول «أصحاب» وبقي المضاف إليه الثاني «الأمور».
** (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : ولا تمل جانب خدك كما يفعل المتكبرون أو لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا عليهم أو لا تمل صدغك للناس وتلو صفحة خدك .. وقيل : أصل «الصعر» بفتح الصاد والعين .. هو داء يعتري البعير فيلوي عنقه. أو هو ميل ـ بفتح الياء ـ في العنق وانقلاب الوجه إلى أحد الشدقين والاسم «الصعر» مصدر الفعل «صعر» وهو من باب «تعب» والعبارة «تصعر خدك» كناية عن التكبر والمختال : هو المتبختر الكثير الخيلاء والفخور : الكثير الفخر. من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ أي المباهي بالمال أو الشرف أو القوة والمرح : هو شدة الفرح والبطر وهو من باب «فرح» وزنا ومعنى وقيل : هو أشد من الفرح واسم الفاعل هو مرح.