تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) أي يمنعونكم من عذاب الله (أَوْ يَنْتَصِرُونَ) لأنفسهم (فَكُبْكِبُوا) قال ابن عباس جمعوا وقيل قذفوا وطرحوا بعضهم على بعض وقيل : ألقوا على رؤوسهم (فِيها) أي في جهنم (هُمْ وَالْغاوُونَ) يعني الآلهة والعابدين وقيل : الجن والكافرين (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) يعني أتباعه ومن أطاعه من الإنس والجن وقيل ذريته (قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ) يعني العابدين والمعبودين (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ) أي نعدلكم (بِرَبِّ الْعالَمِينَ) فنعبدكم (وَما أَضَلَّنا) يعني دعانا إلى الضلال (إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) يعني من دعاهم إلى عبادة الأصنام من الجن والإنس ، وقيل : الأولون الذين اقتدينا بهم وقيل يعني إبليس وابن آدم الأول وهو قابيل ، وهو أول من سن القتل وأنواع المعاصي (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) يعني من يشفع لنا يعني كما أن للمؤمنين شافعين من الملائكة والأنبياء (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) أي قريب يشفع لنا ، يقول ذلك الكفار حين يشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، والصديق هو الصادق في المودة مع موافقة الدين عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الرجل يقول في الجنة ما فعل بصديقي فلان وصديقه في الجحيم ، فيقول الله عزوجل أخرجوا له صديقه إلى الجنة ، فيقول من بقي فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» رواه البغوي بإسناد الثعلبي. وقال الحسن : استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) أي رجعة إلى الدنيا (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي أنهم تمنوا الرجعة حين لا رجعة لهم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٤) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢) كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩))
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) أي مع هذه الدلائل والآيات (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي المنتقم الذي لا يغالب وهو في وصف عزته رحيم. قوله وعزوجل (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) أي كذبت جماعة قوم نوح ، قيل : القوم مؤنثة وتصغيرها قويمة. فإن قلت : كيف قال المرسلين وإنما هو رسول واحد وكذلك باقي القصص. قلت : لأن دين الرسل واحد وإن الآخر منهم جاء بما جاء به الأول فمن كذب واحد من الأنبياء فقد كذب جميعهم (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ) أي أخوهم في النسب لا في الدين (أَلا تَتَّقُونَ) أي ألا تخافون فتتركوا الكفر والمعاصي (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) أي على الوحي ، وكان معروفا عندهم بالأمانة (فَاتَّقُوا اللهَ) أي بطاعته وعبادته (وَأَطِيعُونِ) أي فيما أمرتكم به من الإيمان والتوحيد (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي من جعل وجزاء (إِنْ أَجْرِيَ) أي ثوابي (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) قيل : كرره ليؤكده عليهم ويقرره في نفوسهم وقيل ليس فيه تكرار ومعنى الأول ألا تتقون الله في مخالفتي وأنا رسول الله ومعنى الثاني ألا