وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، وقد كان أبوك نديماً لي ، فقال عليهالسلام : وأنا كذلك ، ولكنّي أحبّ أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحقّ.
فحمى عمرو ، ونزل عن فرسه ، وضرب وجهه حتّى نفر ، وأقبل على أمير المؤمنين عليهالسلام مسلتاً سيفه ، وبدره بضربة ، فنشب السيف في ترس الإمام عليهالسلام ، فضربه أمير المؤمنين عليهالسلام.
قال جابر الأنصاري رحمه الله : وتجاولا ، وثارت بينهما فترة ، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ، ولا سمعت لهما صوتاً ، ثمّ سمعنا التكبير ، فعلمنا أنّ عليّاً عليهالسلام قد قتله ، وسرّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سروراً عظيماً ، لمّا سمع صوت أمير المؤمنين عليهالسلام بالتكبير ، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً ، وانكشف الغبار ، وعبر أصحاب عمرو الخندق ، وانهزم عكرمة بن أبي جهل وباقي المشركين ، فكانوا كما قال الله تعالى : وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً (١).
ولمّا قتله الإمام عليّ عليهالسلام احتزّ رأسه ، وأقبل نحو النبيّ صلىاللهعليهوآله ووجهه يتهلّل ، فألقى الرأس بين يدي النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقبّل النبيّ رأس عليّ ووجهه ، وقال له عمر بن الخطّاب : هلاّ سلبته درعه ، فما لأحد درع مثلها؟
فقال : إنّي استحييت أن أكشف سوأة ابن عمّي. وكان ابن مسعود يقرأ من ذلك اليوم كذا : وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ـ بعليّ ـ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً.
وذكر أنّ عمرواً قال في المعركة أبياتاً ، هي :
ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز |
|
ووقفت إذ وقف الشجاع موقف القرن المناجز |
وكذاك إنّي لم أزل متترّعاً قبل الهزاهز |
|
إنّ الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز |
__________________
١ ـ الأحزاب : ٢٥.