تصوير ، فيحكم العقل أنّه لا بدّ لهذا التدبير من مدبّر ، ولهذا التنظيم من منظّم ، ولهذا السير المحكم من الحكيم ، وذلك هو الله تعالى.
الثاني : امتناع الصدفة
إنّا إذا لم نؤمن بوجود الخالق لهذا الكون العظيم ، لا بدّ من القول بأنّ الصدفة هي التي أوجدته ، وأنّ الطبيعة هي خالقة الحياة.
لكن من الواضح ، أنّه لا يقبل حتّى عقل الصبيان أن تكون هذه المخلوقات اللّامتناهية ، وجدت بنفسها وعن طريق صدفة عمياء أو خلقتها طبيعة صمّاء.
الثالث : برهان الاستقصاء
إنّ كلاًّ منّا ، إذا راجع نفسه يدرك ببداهة أنّه لم يكن موجوداً أزلياً ، بل كان وجوده مسبوقاً بالعدم ، وقد وُجِد في زمانٍ خاصّ ، إذاً فلنفحص ونبحث : هل أنّنا خلقنا أنفسنا؟ أم خلقنا أحد مثلنا؟ أم خلقنا القادر وهو الله تعالى؟
ولا شكّ أنّنا لم نخلق أنفسنا ؛ لعدم قدرتنا على ذلك ، ولا شكّ أيضاً أنّا لم نخلق من مثلنا لنفس السبب ، إذاً لا يبقى إلّا أنّ الذي خلقنا هو الله تعالى ؛ لأنّه القادر على خلق كلّ شيء.
الرابع : برهان الحركة
إنّا نرى العالم بجميع ما فيه متحرّكاً ، ومعلوم أنّ الحركة تحتاج إلى محرّك ، لأنّ الحركة قوّة والقوّة لا توجد بغير علّة.
إذاً لا بدّ لهذه الحركات والتحوّلات والتغيّرات من محرّك حكيم قدير ، وليس إلّا الله تعالى.
الخامس : برهان القاهرية
إنّ الطبيعة تنمو عادةً نحو البقاء ، لولا إرادة من يفرض عليها الفناء ، فالإنسان الذي يعيش ، والأشجار التي تنمو ، لا يعرض عليها الموت أو الزوال إلّا بعلّة فاعلة قاهرة.