إيقاع الصلاة ، كما هو المتعارف بين المسلمين ، فإنّهم لا يتّخذون المساجد على المراقد ، فإنّ اتّخاذ المسجد ينافي الغرض في إعداد ما حول القبر إعانة للزوّار على الجلوس لتلاوة القرآن وذِكر الله والدعاء والاستغفار ، بل يُصلُّون عندها ، كما يأتون بسائر العبادات هنالك.
الأدلّة على جواز الصلاة عند القبور
س : ما هو ردّكم على كلام ابن تيمية حيث قال : لم يقل أحد من أئمّة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهد القبور مستحبّة أو فيها فضيلة ، ولا أنّ الصلاة هناك والدعاء أفضل من الصلاة في غير تلك البقعة والدعاء ، بل اتفقوا كلّهم على أنّ الصلاة في المساجد والبيوت أفضل من الصلاة عند القبور (١).
ج : إنّ ما دلّ على جواز الصلاة والدعاء في كُلّ مكان ، يدلّ بإطلاقه على جواز الصلاة ، والدعاء عند قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وقبور سائر الأنبياء والصالحين أيضاً ، ولا يشكّ في الجواز مَن له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة ، وإنّما الكلام هو في رجحانها عند قبورهم.
فنقول في هذا المجال : إنّ إقامة الصلاة عند تلك القبور لأجل التبرّك بمَن دُفن فيها ، وهذه الأمكنة مشرّفة بهم ، وقد تحقّق شرف المكان بالمكين ، وليست الصلاة ـ في الحقيقة ـ إلّا لله تعالى لا للقبر ولا لصاحبه ، كما أنّ الصلاة في المسجد هي لله أيضاً ، وإنّما تُكتسب الفضيلة بإقامتها هنا لشرف المكان ، لا أنّها عبادة للمسجد.
فالمسلمون يصلّون عند قبور مَن تشرّفت بمَن دُفن فيها لتنالهم بركة أصحابها الذين جعلهم الله مباركين ، كما يصلّون عند المقام الذي هو حجر شرف بملامسة قدمي إبراهيم الخليل عليهالسلام لها.
__________________
١ ـ رسالة القبور ١ / ٢٨.