قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم.
أمّا ما ذكرته بالنسبة للآية المباركة من سورة القصص ، فإنّ الأصل في الأنبياء العصمة ، والأدلّة من القرآن والسنّة والعقل صريحة بالعصمة ، وكلّ ما ورد بحيث يكون ظاهره منافٍ للعصمة ، فلا بدّ من البحث عن التأويل له وفهم معناه.
فقد روى الشيخ الصدوق قدسسره بسنده عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال : «حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ....
قال : ... فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.
قال الرضا عليهالسلام : «إنّ موسى عليهالسلام دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها ، وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوّه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه ، فقضى موسى على العدوّ ، وبحكم الله تعالى ذكره فَوَكَزَهُ فمات ، قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى عليهالسلام من قتله ، إنه ـ يعني الشيطان ـ عدوّ مضلّ مبين.
فقال المأمون : فما معنى قول موسى : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؟
قال : يقول : إنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة ، فَاغْفِرْ لِي ؛ أي استرني من أعدائك لئلّا يظفروا بي فيقتلوني ، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم.
قال موسى : ربّ بما أنعمت عليَّ من القوّة حتّى قتلت رجلاً بوكزه ، فلن أكون ظهيراً للمجرمين ، بل أجاهد سبيلك بهذه القوّة حتّى ترضى ...» (١).
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ١٧٤.