الأنبياء ، وعلاقتها مع الآية التالية : فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ له إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١).
ج : إنّ الأدلّة على عصمة الأنبياء عليهمالسلام كثيرة ، فقد ذكر العلاّمة الحلّي ثلاثة منها في «كشف المراد» (٢) ، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين في «شرح التجريد» (٣) ، وذكر الإيجي تسعة أدلّة في «المواقف» (٤).
ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين ، هما :
١ ـ الوثوق فرع العصمة.
إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل ، فكما في أقوال النبيّ تبليغ فكذلك في أفعاله ، فالرسول صلىاللهعليهوآله معصوم عن المعصية وغيرها ؛ لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين ، وهو معصوم من ذلك.
ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط ، وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبيّ غير سليمة قبل البعثة ، فلا يحصل الوثوق الكامل به ، وإن صار إنساناً مثاليّاً.
إذاً ، فتحقّق الغرض الكامل من البعثة ، رهن عصمته في جميع فترات عمره.
٢ ـ التربية رهن عمل المربّي.
إنّ الهدف العام الذي بُعث الأنبياء لأجله ، هو تزكية الناس وتربيتهم ، ومعلوم أنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، فلذا لا بدّ من التطابق بين مرحلتي القول والعمل ، وهذا الأصل التربوي يجرّنا إلى القول بأنّ التربية الكاملة المتوخّاة من بعثة الأنبياء ، لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم ، فإنّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في
__________________
١ ـ القصص : ١٥ ـ ١٦.
٢ ـ كشف المراد : ٤٧١.
٣ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٥٨.
٤ ـ المواقف : ٣٥٩.