ومغضباً عليهم ، بعد أن دعاهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه إلّا بالتكذيب والردّ ـ ولم يعد إليهم ظانّاً أنّ الله تعالى لا يضيّق عليه رزقه ، أو ظانّاً أن لن يُبتلى بما صنع حتّى وصل إلى البحر وركب السفينة ، فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه ، وتنجو السفينة بذلك ، فقارعوا فيما بينهم ، فأصابت يونس عليهالسلام فألقوه في البحر ، فابتلعه الحوت ونجت السفينة.
ثمّ إنّ الله سبحانه وتعالى حفظه حيّاً في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس عليهالسلام يعلم أنّها بلية ابتلاه الله بها ، مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه إلى قومه ، بعد أن آمنوا وتابوا ، فأخذ ينادي في بطن الحوت : أن لاَّ إِلَهَ إلّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (١) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة إلى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت.
وأمّا قتل موسى عليهالسلام للقبطي ، فلم يكن عن عمد ولم يرده ، وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوّه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله ، فأراد موسى عليهالسلام أن يخلّصه من يده ، ويدفع عنه مكروهه ، فأدّى ذلك إلى القتل من غير قصد إليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير أن يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ، ولا يستحقّ عليه العوض به ، ولا فرق بين أن تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه ، وبين أن يكون عن غيره في هذا الباب ، والشرط في الأمرين أن يكون الضرر غير مقصود ، وأنّ القصد كلّه إلى دفع المكروه ، والمنع من وقوع الضرر ، فإن أدّى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.
الأدلّة على عصمة الأنبياء عليهمالسلام
س : إنّي من القائلين بعصمة الأنبياء ، وأطلب منكم شاكراً معرفة أدلّة عصمة
__________________
١ ـ الأنبياء : ٨٧.