وألقوا القبض على بعض نساء الإمام اللواتي يُظنّ أو يُشتبه في حملهنّ.
فهذا هو السبب الرئيسي في اختفاء الإمام عليهالسلام ، وعدم ظهوره للناس ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره ، قلت : ولَمِ؟ فقال عليهالسلام : يخاف ، وأومئ بيده إلى بطنه. قال زرارة : يعني القتل» (١).
ويقول الشيخ الطوسي قدسسره : «لا علّة تمنع من ظهوره عليهالسلام إلّا خوفه على نفسه من القتل ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار» (٢).
٢ ـ الامتحان والاختبار
وثمّة سبب آخر عُلّل به غيبة الإمام عليهالسلام ، وهو امتحان العباد واختبارهم ، وتمحيصهم ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «أمّا والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم ، ولتمحصن حتّى يُقال : مات أو هلك ، بأيّ وادٍ سلك ، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ، ولتُكفأن كما تُكفأ السفن في أمواج البحر ، فلا ينجو إلّا مَن أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه» (٣).
ولقد جرت سنّة الله تعالى في عباده امتحانهم ،وابتلاءهم ؛ ليجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون ، قال تعالى : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٤) ، وقال تعالى : أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (٥).
وغيبة الإمام عليهالسلام من موارد الامتحان ، فلا يُؤمن بها إلّا مَن خلص إيمانه ، وصفت
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٤٦ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨١.
٢ ـ الغيبة للطوسي : ٣٢٩.
٣ ـ الإمامة والتبصرة : ١٢٥ ، الكافي ١ / ٣٣٦ ، الأمالي للصدوق : ١٩١.
٤ ـ الملك : ٢.
٥ ـ العنكبوت : ٢.