فالقرآن عندما يتحدّث عن هلاك ما سوى الله وفنائه ، يقول : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (١).
ثمّ يخبر عقيب ذلك مباشرة عن بقاء الذات الإلهيّة ، وأنّه لا سبيل للفناء إليها ، فيقول : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ (٢).
والتركيب قد يكون عقلياً ؛ وهو التركيب من الجنس والفصل ، وقد يكون خارجياً كتركيب الجسم من المادّة والصورة ، وتركيب المقادير وغيرها ، والجميع منتفٍ عن الواجب تعالى ، لاشتراك المركّبات في افتقارها إلى الأجزاء ، فلا جنس له ولا فصل له ، ولا غيرهما من الأجزاء الحسّية والعقليّة.
الرؤية التي طلبها موسى عليهالسلام كانت بطلبٍ من قومه
س : في قوله تعالى : وَلمَّا جَاء مُوسَى لِميقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (٣) ، لماذا طلب نبيّ الله موسى عليهالسلام الرؤية؟
ج : السبب الذي دعا موسى عليهالسلام أن يطلب الرؤية الحسّية البصرية ـ مع علمه واعتقاده بعدم رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة ؛ لأنّه يلزم منه التجسيم في حقّه تعالى ـ هو طلب قومه ذلك ، ولم يكن بدافع ذاتي من موسى عليهالسلام ، وهذا ما يوضّحه قوله تعالى عن لسان قوم موسى : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً (٤).
عن الإمام الرضا عليهالسلام في نقله للقصّة : فقال موسى : يا قوم ، إنّ الله لا يُرى بالأبصار
__________________
١ ـ الرحمن : ٢٦.
٢ ـ الرحمن : ٢٧.
٣ ـ الأعراف : ١٤٣.
٤ ـ البقرة : ٥٥.