وقوله تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ؛) ظاهر المعنى ، وقوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ ؛) أي فإن أعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله فإنّما على الرسول ما حمّل من التبليغ وأداء الرسالة ، وعليكم ما حمّلتم من الطاعة ، (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٥٤) ؛ أي ليس عليه إلّا أن يبلّغ ويبيّن لكم.
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أقاموا بمكّة مدّة قبل الهجرة لا يمكنهم إظهار الإسلام ، ولا أذن لهم في القتال ، وكذلك بعدما هاجروا إلى المدينة وآوتهم الأنصار ، رمتهم العرب عن قوس واحدة ، وكانوا لا يبيتون إلّا مع السّلاح ولا يصبحون إلّا فيه.
فجاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله ؛ أهكذا جالدتّنا أبدا؟ فإنزل الله هذه الآية (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)(١) أي ليبوّأنّهم أرض المشركين من العرب والعجم كما استخلف بني اسرائيل بأرض مصر والشّام بعد إهلاك الجبابرة بأن أورثهم أرضهم وديارهم وجعلهم سكّانا وملوكا.
وقوله تعالى : (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ؛) أي وليوسّع لهم البلاد حتى يملكوها ويظهر دينهم على جميع الأديان ، (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ؛) وقوله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ؛) يجوز أن يكون في موضع نصب على الحال ؛ أي لأفعلنّ ذلك في حال عبادتهم.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٨٣٥) بمعناه. وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٢ ص ٢٩٧. وأخرجه الواحدي في أسباب النزول : ص ٢٢١ و ٢٢٢ مرسلا. وأخرجه الطبراني في الأوسط : ج ٨ ص ١٧ : الحديث (٧٠٢٥). والحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٥٦٤). وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٨٣ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات).