قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥٥). وقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٥٦) ؛ ظاهر المراد.
قوله تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ؛) أي ولا تحسبنّ كفار مكة يا محمّد فائتين من عذاب الله أو يفوتنا هربا ، فقدرة الله تعالى محيطة بهم ، (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٥٧).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ؛) أي ليستأذنكم في الدّخول عليكم عبيدكم وإمائكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم أي من أحراركم من الرّجال والنساء ، والمعنى : ليستأذنكم عبيدكم وإمائكم والذين لم يبلغوا الحلم من صغير أولادكم من الأحرار في الدّخول عليكم في ثلاث أوقات من الليل والنهار يكون الغالب فيها كشف العورات.
ثمّ بيّن الأوقات الثلاث فقال : (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ ؛) أي وقت القيام من المضاجع والتّهيّؤ للصّلاة بالطهارة ، (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ ؛) وهو وقت القيلولة ، (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ؛) أراد به العشاء الأخيرة ، وهذه الأوقات الثلاثة : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ ؛) لأنّ الإنسان يضع ثيابه فيها في العادة.
من قرأ (ثَلاثَ) بالرفع ، فمعناه : هذه الأوقات الثلاثة ثلاث عورات لكم. ومن قرأ (ثلاث) بالنصب جعله بدلا من قوله (ثَلاثَ مَرَّاتٍ). قال السديّ : (كان أناس من الصّحابة يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه السّاعات الثّلاث ليغتسلوا ثمّ يخرجوا إلى الصّلاة ، فأمرهم الله أن يأمروا الغلمان والمماليك أن يستأذنوا في هذه الثّلاث ساعات إذا دخلوا).
قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ ؛) أي لا جناح عليكم ولا عليهم في أن لا يستأذنوا في غير هذه الأوقات.