قوله تعالى : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ ؛) أي طوّافون عليكم يدخلون ويخرجون ويذهبون ويجيئون ويتردّدون في أحوالهم واشتغالهم بغير إذن ، يريد أنّهم خدمكم ، شئ فلا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات بغير إذن. قال مقاتل : (معناه : يطوف بعضهم وهم المماليك على بعض وهم الموالي) (١).
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ ؛) أي هكذا يبيّن الله لكم الدّلالات والأحكام في أمر الاستئذان ، (وَاللهُ عَلِيمٌ ؛) بمصالح العباد ، (حَكِيمٌ) (٥٨) ؛ فيما حكم من استئذان الخدم في هذه الأوقات الثلاثة.
قوله تعالى : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ؛) معناه : إذا بلغ الأطفال من أحراركم وعبيدكم فليستأذنوا في جميع الأوقات وفي عموم الأحوال ، (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) المذكورين من قبلهم على ما بيّن الله في كتابه ، يعني بقوله ؛ الأحرار الكبار الذين أمروا بالاستئذان على كلّ حال في قوله (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فليس للعبد البالغ أن يدخل منزل مولاه ولا للولد البالغ أن يدخل على أمّه وعلى ذات محارمه في كلّ وقت إلّا بإذن (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٩).
قوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ ؛) معناه : والقواعد من النّساء اللاتي قعدن عن الحيض من الكبر وهنّ العجائز اللاتي لا يردن النكاح لكبرهنّ ، فليس عليهنّ حرج في ، (أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ ؛) يعني الجلباب والرّداء والقناع الذي فوق الخمار لأجل الثياب.
قوله تعالى : (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ ،) التّبرّج : أن تظهر المرأة محاسنها من وجهها وجسدها ، والمعنى من غير أن يردن بوضع الجلباب أن يرى زينتهن. قال مقاتل : (ليس لها أن تضع الجلباب ، تريد بذلك أن تظهر قلائدها وقرطها وما عليها من الزّينة) (٢).
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٢٥.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٢٦.