وقوله تعالى : (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) (١١٣) ؛ أي ما حسابهم فيما يعملون (إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) لو تعلمون ما عاقبتموهم بصنائعهم. وقيل : إنّهم نسبوا قومه الذين آمنوا به إلى النّفاق وإضمار الكفر ، فقال : (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) أي ما جزاؤهم إلّا على ربي (لَوْ تَشْعُرُونَ).
قوله تعالى : (وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٤) ؛ أي لا أطردهم من عندي مع إظهارهم الإيمان بسبب فقرهم ، وطعنكم عليهم. قوله تعالى : (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (١١٥) ؛ أي ما أنا إلّا معكم بموضع المخافة لتحذروها ، فمن قبل قرّبته ، ومن ردّ باعدته ، ولم أكلّف علم ما في الضمائر.
قوله تعالى : (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ ؛) أي لئن لم تنته عما تقول ، (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (١١٦) ؛ المقتولين بالحجارة ، (قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٨) ؛ أي فاقض بيننا قضاء يكون بنجاتنا وهلاك عدوّنا.
قوله تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ ؛) في السّفينة المملوءة من الناس والبهائم والسّباع والطير ، فذلك قوله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (١١٩) ؛ أي الذي قد ملئ مما ذكرنا من جميع الحيوان ، وقوله تعالى : (ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) (١٢٠) ؛ أي بعد نجاة نوح ومن معه أغرقنا الآخرين. قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ؛) أي في إغراق الكافرين ونجاة المؤمنين في السّفينة لعلامة تدلّ على وحدانيّة الله وكمال قدرته ، (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ ؛) أكثر قوم نوح ، (مُؤْمِنِينَ) (١٢١) ؛ مع قيام الحجّة ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ؛) أي القادر على أخذ الأعداء ، المنتقم منهم ، (الرَّحِيمُ) (١٢٢) ؛ بالأولياء ، المنعم عليهم.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ) (١٢٣) ؛ التأنيث بمعنى القبيلة ، أريد بعاد القبيلة ، والمعنى : كذبت عاد هودا وجماعة المرسلين ، (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ ؛) في النّسب : (أَلا تَتَّقُونَ) (١٢٤) ؛ عبادة غير الله ، (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) (١٢٥) ؛ أرسلني الله إليكم وائتمنني على الرّسالة ، (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ ؛) على تبليغ الرّسالة ، (مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا