عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٢٧).
قوله تعالى : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) (١٢٨) ؛ الرّيع : هو المكان المرتفع. قال ابن عبّاس : (معناه : أتبنون بكلّ شرف) ، وقال مقاتل والكلبي والضحّاك : (أتبنون بكلّ طريق آية ؛ أي بنيانا وعلما متميّزا عن سائر الأبنية ، تعبثون بمن يمرّ في الطّريق).
والمعنى : بكلّ طريق ، بالموضع المرتفع بنيانا لتشرفوا على المارّة فتسخروا منهم ، وتعبثوا بهم. وقيل : معنى قوله (تَعْبَثُونَ) أي تبنون ما تستغنون عنه ولا تسكنونه عبثا منكم ، يسمّى بناؤهم عبثا ؛ لأنّهم كانوا يسرفون في البناء ، فيبنون فوق الحاجة ، ويقصدون بذلك التفاخر والتكاثر ، ومن ذلك سمّي كلّ لعب لا لذة فيه عبثا ، والذي يكون فيه لذة لعبا. وقال الوالبي عن ابن عبّاس : ((بِكُلِّ رِيعٍ) ؛ أي بكلّ شرف) (١) ، وقال قتادة والضحّاك : (بكلّ طريق) (٢) ، وعن مجاهد : (الرّيع : الثّنية الصّغيرة) (٣) ، وقيل : المنظرة ، وقال عكرمة : (بكلّ واد).
قوله تعالى : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ ؛) قال ابن عبّاس : (هي الأبنية) ، وقال مجاهد : (المصانع قصور مشيّدة) (٤) ، وقيل : هي الحصون. وقال عبد الرزاق : (المصانع عندنا بلغة اليمن : القصور ؛ واحدتها مصنعة). وقال الكلبيّ : (هي القصور والحصون). وقيل : هي المباني التي يصنعها الناس من البساتين وغيرها. وقيل : هي مجامع الماء وهي الحياض ، وواحد المصانع مصنعة.
وقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (١٢٩) ؛ أي كأنّكم تخلدون ؛ أي ستبقون في بناء المصانع ، كأنّهم يخلدون فيها فلا يموتون. و (لعلّ) تأتي في الكلام
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٢٧٩). والشّرف : المكان المشرف العالي. ونقله البغوي في معالم التنزيل أيضا عن الوالبي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٢٨٤).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٢٨٢).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٢٩١).